للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يكون السعي في يوم الجمعة؛ فقد يجوز أن يعلق الأمر بالسعي في غير يوم الجمعة، على النداء في يوم الجمعة وكذا لا يتحتم أن يكون السعي لصلاة الجمعة، أما إذا كانت «من» لابتداء الغاية فإن الجار والمجرور يكون في موضع الحال من الصلاة، التقدير: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة كائنة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله؛ فيصير المعنى: إذا نودي للصلاة الكائنة في يوم الجمعة فاسعوا إليها، وهذا هو المراد، والله تعالى أعلم.

وقد علم مما أشرت إليه: أن المعاني التي ذكرها المصنف لهذا الحرف الذي هو «من» منها ما تحقق، ومنها ما لم يتحقق، ولا شك أن للنظر في ذلك مجالا.

وبعد: فقد بقي التنبيه على أمور تتعلق بـ «من» ذكرها الشيخ:

منها: أنه قال: وزعم السيرافي (١)، والأعلم (٢)، وابن طاهر (٣)، وابن خروف (٤) أن «من» إذا كان بعدها «ما»

كانت بمعنى «ربما»، وزعموا أنّ سيبويه يشير بها لهذا المعنى كثيرا في كلامه كقوله في باب ما يكون في اللفظ من الأعراض (٥): اعلم أنهم مما يحذفون أي: ربما يحذفون. وكان الأستاذ أبو علي لا يرتضي هذا المذهب؛ لكون سيبويه إذا ذكرهما إنما يريد التكثير؛ فلا يحسن إذ ذاك استعمال «رب» إذا كان معناها يناقض المراد.

واحتج الذاهبون إلى ذلك بأنه قد سمع ذلك منهم قال:

٢٣٧٥ - وإنّا لممّا نضرب الكبش ضربة ... على وجهه تلقي اللّسان من الفم (٦)

-


(١) في شرحه على الكتاب (١ / ق ٩٦ / أ) وما بعدها.
(٢) التصريح (٢/ ١٠)، والمغني (ص ٣٢٢).
(٣) التصريح (٢/ ١٠)، والمغني (ص ٣٢٢) وهو: أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر، له طرر على الكتاب، توفي بفاس (٥٨٠ هـ). راجع: البغية (ص ١٢) والنشأة (ص ٢٣٠).
(٤) التصريح (٢/ ١٠)، والمغني (ص ٣٢٢) وابن خروف: علي بن محمد بن يوسف الحضرمي الأندلسي، إمام محقق مدقق في العربية، له شرح جمل الزجاجي (ت: ٦٠٦ أو ٦٠٩ هـ) راجع:
الأعلام (٥/ ١٥١).
(٥) الكتاب (١/ ٢٤) والأعراض: ما يعرض في الكلام فيجيء على غير ما ينبغي أن يكون عليه قياسه.
(٦) من الطويل لأبي حية النميري. وراجع: التصريح (٢/ ١٠)، والخزانة (٤/ ٢٨٢)، والدرر (٢/ ٣٥، ٤١)، والكتاب (١/ ٤٧٧)، والمغني (٣١١، ٣٢٢) وروايته رأسه بدل وجهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>