للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العرب: ضربته من السيف، أي: بالسيف.

قال الشيخ: وهو قول كوفي. [ثم] قال: يحتمل أن تكون «من» في الآية الشريفة لابتداء الغاية أي: ابتداء نظرهم هو من طرف خفي (١).

ومنها: كونها بمعنى «في»، وقد تقدم استشهاد المصنف على ذلك بقول الشاعر:

٢٣٧٤ - عسى سائل ذو حاجة إن منعته ... من اليوم سؤلا أن ييسّر في غد

واستدل غير المصنف على ذلك أيضا بقوله تعالى: أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ (٢) أي: في الأرض. قال الشيخ: هذا قول كوفي أيضا، ولا حجة في البيت الذي أنشده؛ لأنه يحتمل أن تكون «من» للتبعيض على حذف مضاف، التقدير: إن منعته سؤلا من سؤلاته اليوم (٣). انتهى. وأما الآية الشريفة فيحتمل أن تكون «من» فيها لابتداء الغاية أي: ماذا خلقوا من الأرض؟ أي: ماذا وجدوه منها؟ لأن كون الخلق في الأرض لا خصوصية له، بخلاف الخلق من الأرض؛

فإن الخلق يدل على القدرة الباهرة فإذا كان من الأرض كان أعظم (دليل) (٤) على ذلك. ولا شك أن الآية الشريفة المقصود منها إقامة البرهان على ضلال عبّاد الأصنام بإقامة البرهان على عجزهم عما هو من أفعال من هو إله، وإنما قيد الخلق بكونه مِنَ الْأَرْضِ؛ لأن الخلق من الأرض - أي: من التراب - من أقوى الأدلة على القدرة التي لا تكون إلا لله سبحانه، وذكر بعضهم أن التقدير: من مخلوقات الأرض؛ فحذف المضاف، وهو تخريج لا بأس به، ولكن ما ذكرته أولى.

ومما استدل به على ذلك أيضا قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ (٥) قالوا: المراد في يوم الجمعة.

ولقائل أن يقول: إن «من» في الآية الشريفة باقية على معناها الأصلي الذي هو ابتداء الغاية، وتقدير ذلك أن المراد التحريض على إتيان صلاة الجمعة. لم تسق الآية الشريفة لغير هذا، وتفسير «من» بـ «في» لا يعلم منه هذا المقصود. ومما يفيد أن المؤمنين مأمورون بالسعي إلى الصلاة إذا نودي لها في يوم الجمعة، ولا يتحتم أن -


(١) التذييل (٤/ ٥).
(٢) سورة فاطر: ٤٠.
(٣) التذييل (٤/ ٥).
(٤) بالأصل: دليلا.
(٥) سورة الجمعة: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>