للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لكن في كون «من» تفيد معنى «على» بعد كثير، ولا شك أن تضمين الفعل معنى فعل يتعدى بـ «من» أولى من أن يجعل الحرف بمعنى حرف آخر. وقد ذكر المعربون كأبي البقاء (١) وغيره أن معنى (نصرنه) (٢) في الآية الشريفة: منعناه، والتحقيق أن: (نصرنه) ضمّن معنى منعناه، وفائدة التضمين أن الفعل حينئذ يستفاد منه أمران وهما: معناه الأصلي الموضوع هو له، والمعنى المضمن الذي دلّ عليه ذلك الحرف الذي ترشد الصناعة النحوية إلى أنه متعلق به؛ [٣/ ١٧٩] فـ (نصرنه) دل على حصول النصر بالوضع، ودلت تعديته بـ «من» على أنه ضمن معنى: منعناه؛ فصار المعنى: ومنعناه بالنصر؛ لأن المنع قد يكون بغير النصر، ولا شك أن المنع بالنصر أمر عظيم فأفادنا التضمين معنى عاملين مع الاقتصار على ذكر عامل واحد (٣).

ومنها: كونها للفصل، وقال المصنف: إنه أشار بذلك إلى دخولها على ثاني المتضادين نحو قوله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ (٤)، وحَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (٥) ونحو أحد الأبيات الثلاثة التي أنشدها وهو:

٢٣٧٣ - ولم تره قابلا للجميل ... ولا عرف العزّ من ذلّه

ومن ذلك قولهم: لا تعرف قبيلا من دبير.

قال الشيخ (٦): وليس من شرطها الدخول على المتضادين بل تدخل على المتباينين تقول: فلان لا يعرف زيدا من عمرو انتهى.

ومراد المصنف بالمتضادين أنهما اللذان لا يجتمعان، ولا شك أن المتناقضين كذلك.

ومنها: كونها بمعنى الباء، وقد عرفت أن المصنف استشهد على ذلك بقوله تعالى: يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ (٧) وأنه نقله عن الأخفش عن يونس، وبقول -


(١) في التبيان له (٢/ ٩٢٣).
(٢) سورة الأنبياء: ٧٧.
(٣) في معنى التضمين، والفرق بينه وبين التقدير، والعدل، والآراء في ذلك. راجع: الأشباه والنظائر (١/ ١٠٠ - ١٠٦).
(٤) سورة البقرة: ٢٢٠.
(٥) سورة آل عمران: ١٧٩.
(٦) التذييل (٤/ ٥).
(٧) سورة الشورى: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>