للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الطريق، ورأيت الهلال من خلل السحاب؛ لأن معنى الكلام أن الريحان نمّ من الطريق حتى شممت رائحته، وأن الهلال لاح من خلل السحاب حتى نظرت إليه. انتهى.

فدل كلامه على أن المعنى: نامّا من الطريق ولائحا من خلل السحاب. فكلام ابن يعيش والسهيلي يدفع ما قاله ابن عصفور، وكلام الشلوبين يقتضي ذلك فإنه قال في: رأيت الهلال من داري من خلل السحاب: إن «من خلل السحاب» متعلق بمحذوف تقديره: باديا من خلل السحاب. انتهى. وما قاله هو الظاهر.

وبعد: فلم يقم دليل واضح على أنها لانتهاء الغاية. قيل وسيبويه لم يصح بأنها للانتهاء إنما جعلها غاية (١)، وكأنهم يجعلون الغاية غير انتهاء الغاية. ولهذا ذكر ابن عصفور المعنيين فقال: وأما التي للغاية فهي التي تدخل على ما هو محل لابتداء الفعل وانتهائه معا نحو: أخذته من زيد؛ فـ «زيد» هو محل ابتداء الأخذ وانتهائه (٢) معا. انتهى.

وعلى هذا حمل قول سيبويه في قولك: من ذلك الموضع؛ جعلته غاية (٣) رؤيتك؛ فـ «ذلك» الموضع هو محل ابتداء الرؤية وانتهائها.

وإذا تقرر هذا: علم أن «من» لا تخلص لانتهاء الغاية؛ وإنما تكون لابتداء الغاية وهو الأغلب في الاستعمال، وتكون لابتداء الغاية وانتهائها وذلك قليل. وأما قول القائل:

٢٣٧٢ - أزمعت من آل ليلى ابتكارا (٤)

فليس «من» فيه للانتهاء أي: أزمعت إلى آل ليلى؛ بل هي للتعليل أي:

أزمعت من أجل آل ليلى ابتكارا؛ لأنه إذا أزمع ابتكارا (إليهم) (٥) فقد أزمعه من أجلهم، وحذف المضاف لدلالة المعنى سائغ.

ومنها: كونها للاستعلاء، وقد عرفت استدلال المصنف على ذلك بقوله تعالى: وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا (٦) مسندا ذلك إلى الأخفش. -


(١) الكتاب (٤/ ٢٢٥).
(٢) شرح الجمل (١/ ٤٩٠) بنصه.
(٣) الكتاب (٤/ ٢٢٥).
(٤) من بحر المتقارب وهو في التذييل (٤/ ٤).
(٥) غير واضحة بالأصل.
(٦) سورة الأنبياء: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>