للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ألا ترى أنك إذا قلت: إن قام من رجل قام عمرو؛ كان معناه: إن قدر وقوع هذا الخبر الذي هو قام من رجل قام عمرو، و «قام من رجل» لا يمكن وقوعه؛ لما ذكرنا من أنه يلزم أن يقوم الرجل وحده مع غيره في حيّز واحد، وذلك لا يمكن تقديره، وكان لما ذكر أن شرط زيادة «من» أن يكون الكلام التي هي فيه غير موجب؛ قال: «وأما

التزام كون الكلام غير موجب؛ فلأنك إذا قلت: ما جاءني من رجل؛ فقد نفيت أن يجيئك رجل واحد، وقد نفيت أيضا أن يجيئك أكثر من واحد، فلو قلت على هذا: جاءني من رجل؛ للزمك أن يكون «من رجل» على حده بعد النفي، فيكون كأنك قلت في حين واحد: جاءني رجل وحده لم يجئني رجل وحده بل أكثر من رجل واحد، وذلك تناقض؛ لأنه يلزم اجتماع الضدين في الواجب وهو مجيء الرجل وحده مع غيره، ولا يلزم ذلك في غير الواجب؛ إذ قد يجوز اجتماع الأضداد في ما ليس بواجب؛ لأنك تقول: ما زيد أبيض ولا أسود، ولا تقول: زيد أبيض وأسود. انتهى. وهو كلام عجيب لا يخفى ضعفه.

ولا أعلم من أين يلزم أن قولك: «من رجل» في الإثبات يكون على حدّه في النفي حتى يلزم منه اجتماع الضدين. ولا شك أن مدعي جواز الزيادة في الإثبات معترف أنه إذا قال: جاءني من رجل (فإنما) (١) جاءه رجل واحد، ولكنه أتى بـ «من» ولم تكن مفيدة لمعنى؛ فحكم بزيادتها، والذي أفادنا عدم مجيء الرجل الواحد وعدم مجيء أكثر من واحد إنما هو النفي و «من» لا مدخل لها في ذلك إنما هي مؤكدة في نحو: ما جاءني من أحد، أو [منبهة] (٢) على عدم إرادة ما يحتمله اللفظ من غير المراد في نحو: ما جاءني من رجل، وإذا كان كذلك فلم يتم له الذي قصده وهو الاستدلال على عدم جواز زيادة «من» بعد الشرط؛ لأنه بناه على الدليل الذي نقلناه عنه، وقد عرف ما فيه.

ومما يتصل بالمسألة التي نحن فيها: أنك إذا قلت: قلما يقول ذلك رجل، وقلما أضرب رجلا؛ فإن جعلت «قلما» مقابلة «كثر ما» لم يجز دخول «من» على رجل؛ لأن الكلام موجب وإن جعلتها للنفي المحض جازت زيادة «من»؛ لأن -


(١) في الأصل: أنه إنما، وبما أثبتناه يستقيم الأسلوب أكثر.
(٢) في الأصل: منبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>