للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقول الآخر:

٧٤ - هجوت. زبّان ثمّ جئت معتذرا ... من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع (١)

فاكتفى قائل ذلك بحذف الحركة المقدرة. وهذا مما يقوى به مذهب سيبويه، وهو أن الفعل المعتل يقدر فيه الحركات كما يقدر في الاسم المعتل.

ومنع بعضهم إثبات الألف، وعلله بأن الألف لا تقبل الحركة فلا يجوز لذلك إجراء ما هي فيه مجرى الصحيح. وبأن الجازم (٢) إذا حذف الحركة المقدرة فيها، وجب رجوع الألف إلى أصلها لفقد الموجب لانقلابها وهو الحركة، فيقال:

لم يخش؛ فلما لم يقولوا ذلك دل على أنهم لا يحذفون الحركة المقدرة في الألف.

وقد استدل على إثبات الألف حال الجزم بقوله تعالى: لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (٣) وبقول القائل: «ولا ترضّاها» في البيت المتقدم. وبقول الآخر:

٧٥ - وتضحك منّي شيخة عبشميّة ... كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا (٤)

-


(١) البيت من بحر البسيط وهو لأبي عمرو بن العلاء، وقد احتج به صاحب نزهة الألباء على أن أبا عمرو اسمه زبان وأن الفرزدق كان قد هجاه، ثم جاء يعتذر إليه، فقال له أبو عمرو هذا البيت (نزهة الألباء ص ٢٤).
اللغة: زبان: أصله من الزبب وهو كثرة الشعر وطوله وهو أحد ألقاب أبي عمرو أو أحد أسمائه.
ولم تدع: لم تترك الهجو. ومعناه واضح.
والشاهد في هذه الأبيات الثلاثة: بقاء حرف العلة في المضارع المجزوم للضرورة وهو في الأول: الألف وفي الثاني: الياء وفي الثالث: الواو.
ومثل ذلك قوله (من الوافر):
فإنك إن ترى عرصات جمل ... بعافية فأنت إذا سعيد
وقول امرئ القيس (من الطويل) وهو في الأمر: ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي. وبيت الشاهد في شرح التسهيل (١/ ٥٦)، وفي التذييل والتكميل (١/ ٢٠٦)، وفي معجم الشواهد (ص ٢٣٠).
(٢) علة ثانية لوجوب حذف الألف عند دخول الجازم.
(٣) سورة طه: ٧٧. وفي نسخة (ب): لا تخاف، والاستشهاد على أن لا فيه ناهية فيجب جزمه.
قال ابن خالويه (الحجة في القراءات ص ٢٤٥):
«أجمع القراء على الرفع في: لا تخاف إلا حمزة؛ فإنه قرأه بالجزم على طريق النّهي فالحجة لمن رفع أنه جعل لا فيه بمعنى ليس. فإن قيل: فما حجّة حمزة في إثبات الياء في تخشى وحذفها علم الجزم؟
قيل: له في ذلك وجهان ....» انظر الشرح وانظر القراءات في كتاب النشر (٢/ ٣٢١).
(٤) البيت من بحر الطويل من قصيدة قالها عبد يغوث بن وقاص الحارثي، وكان أسر يوم الكلاب مطلعها:
ألا لا تلوماني كفى اللّوم ما بيا ... فما لكما في اللّوم خير ولا ليا
-

<<  <  ج: ص:  >  >>