للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قولك: وهبت لا من اللام، وأما قوله تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً (١)، فالاختصاص فيه ظاهر لكنه اختصاص على جهة التفضيل والإنعام لا على جهة تمليك وشبه تمليك. وإذا قلت: الجلباب للجارية، والجل للفرس؛ كان الاختصاص فيه بسبب الاستحقاق، وإذا قلت: لزيد عمّ هو لعمرو خال، ولعبد الله ابن هو (لجعفر) (٢) حم؛ فالاختصاص فيه في غاية الظهور، والنسب إنما استفيد من ذكر العمّ والخال والابن والحم، فقد ظهر أن اللام لم تفد شيئا من هذه المعاني الستة، وإنما هي دالة على تخصيص مدخولها بالمذكور معها [٣/ ١٨٩] أي نسبته وإضافته إليه، ودل الكلام الذي هي فيه على أن اختصاص المدخول بما ذكر أو نسبته وإضافته إليه إنما هو على معنى من المعاني الستة المذكورة.

وعبارة سيبويه في اللام: إنها للاستحقاق والملك، وجعل الاستحقاق أعم أي:

عامّا فيها؛ لأن كل مملوك مستحق لمالكه، هكذا ذكر الخضراوي.

والظاهر أن العمومية إنما هي من أجل أن المستحق قد يكون مالكا وقد يكون غير مالك، فإذا قيل: اللام للاستحقاق كانت العبارة شاملة للقسمين، ولك أن تأخذ من قول سيبويه: إنها للاستحقاق؛ ما قررته من أنها للاختصاص.

ولا شك أن الاستحقاق والاختصاص والنسبة والإضافة معان يقرب بعضها من بعض فالمقصود واحد وإن اختلفت العبارات. وقال ابن أبي الربيع - في قول الفارسي: إن اللام معناها التحقيق والملك -: يريد بالتحقيق أن هذا الشيء حق لهذا كما تقول: سرج الدابة أي أن الدابة لها أن يكون لها سرج (٣)، ومنه قوله:

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (٤) فالناس مستحقون ربّا يقيم لهم أمرهم؛ لأنهم لا يقومون بأنفسهم، وإنما قوامهم بخالقهم سبحانه وتعالى.

وقد ذكر غير المصنف من معاني اللام الاستغاثة، والقسم. أما الاستغاثة فشاملة للقسمين - أعني المستغاث به والمستغاث لأجله - ولا شك أن ذلك إنما يستفاد من اللام. وأما القسم فالمراد به أنها الحرف المعدي فعل القسم إلى المقسم به. ولا يتعذر عن المصنف بأن يقال: إنما لم يذكر لام القسم؛ لأنهم ذكروا أنها تكون للقسم إذا -


(١) سورة النحل: ٧٢.
(٢) في الأصل: جعفر.
(٣) التذييل (٤/ ١٤) وما بعدها.
(٤) سورة الناس: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>