للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كان في الكلام معنى التعجب نحو قولك: لله لا يبقى أحد، والمصنف قد ذكر أنها تكون للتعجب فكأنه استغنى بذلك عن ذكر أنها تكون للقسم؛ لأن بعض العرب قد استعملها للقسم دون تعجب. قال سيبويه: ويقول بعض العرب: لله لأفعلن» (١)، ثم إن التعجب الذي مثل به المصنف خال عن القسم فتبين أنه لا تلازم بينهما.

وقد ردّ بعضهم لام الاستغاثة ولام القسم إلى معنى الاستحقاق فقال في قولنا: لله لا يبقى أحد: إن اسم الله تعالى مستحق لأن يقسم به، وفي قولك: يا لزيد لعمرو:

إن الأول مستحق أن يستغاث به، والثاني مستحق أن يستغاث له. ولا يخفى ما فيه من النقد، ثم إن ثبت هذا فلا يحتاج إلى إفراد هذين المعنيين بالذكر.

وأما كونها تكون بمعنى «في» فقد استشهد المصنف على ذلك بقوله تعالى:

لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ (٢)، وبقول الدارمي:

٢٤٣٤ - قد مضوا لسبيلهم

وبقول الآخر:

٢٤٣٥ - مفقود لوقت وفاقد

ويمكن أن يكون (لوقتهآ) في موضع الحال من ضمير الساعة أي: لا يجليها كائنة لوقتها، أي: صائرة لوقتها؛ فتكون اللام للغاية كـ «إلى»، وكون اللام، بمعنى «إلى» أقرب من كونها بمعنى «في» وكذا يكون التقدير في البيتين الآخرين.

وأما كونها تكون بمعنى «عند» فقد استدل عليه بقراءة الجحدري: بل كذبوا بالحق لما جاءهم (٣) وأن ابن جني قال: عند مجيئه إياهم كقولهم: كتب لخمس خلون.

وأقول: يمكن أن تكون اللام للتعليل، المعنى: أنهم كذبوا بالحق لمجيئه إياهم، جعل مجيء الحق الذي من شأنه أن يكون سببا للتصديق سببا للتكذيب؛ تفظيعا لشأنهم، وتقبيحا لفعلهم، وإعلاما بأنهم ارتكبوا نقيض ما كان يجب ارتكابه؛ لأن من جاءه الحقّ تعين عليه قبوله عقلا فإذا خالف ذلك فقد خالف ما يقتضي العقل ألا يخالف وكفى بفاعل ذلك ذمّا. -


(١) ينظر الكتاب (٣/ ٤٩٦ - ٤٩٨).
(٢) سورة الأعراف: ١٨٧.
(٣) سورة ق: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>