للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما «كتب لخمس خلون» فيمكن أن تكون اللام فيه للتبيين فإن التبيين معنى ثابت لها، ويكون المجرور بها في موضع الحال من مفعول «كتب»، ولا بد من تقدير مضاف محذوف حينئذ، التقدير: كتب كائنا لانقضاء خمس خلون.

ولا شك أن المعنى على هذا، وأن كون اللام للتبيين أسهل من كونها بمعنى «عند».

وقد قيل: إن اللام في «كتب لخمس خلون» بمعنى «بعد»، وأن المراد: كتب بعد خمس خلون، ورده ابن أبي الربيع بأن الكتب كان متصلا (بالخمس) (١)، و «بعد» لا تعطي ذلك؛ لأن البعدية لا تقتضي الاتصال (٢)، وهو رد صحيح غير أني لم أفهم من كلامه ما حمل عليه اللام من المعاني في هذا المثال.

وأما كونها تكون بمعنى «إلى» فقد استشهد المصنف على ذلك بقوله تعالى:

سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ (٣)، وبقوله تعالى: كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى (٤) ولا بعد في ذلك؛ فإن «إلى» قد تكون بمعنى اللام كما تقدم، فلا ينكر أنّ اللام تكون بمعناها.

وحاصل الأمر: أن «إلى» واللام يشتركان في إفادة معنى واحد وهو الغاية.

لكن قال ابن عصفور: وزعم الكوفيون أنها تكون يعني اللام تكون بمعنى «إلى» مستدلين بأنه يقال: أوحى له، وأوحى إليه بمعنى واحد؛ قال الله تعالى: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥)، وقال تعالى: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ (٦)، وبأنه يقال:

هداه لكذا وهداه إلى كذا بمعنى واحد؛ قال تعالى: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٧)، وقال تعالى: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا (٨).

ثم أجاب عن ذلك بأن قال: إن «أوحى» يتعدى بـ «إلى» إذا كانت بمعنى:

أشار، يقال: أوحى إليه أي: أشار إليه، ومنه قول القائل:

٢٤٣٦ - فأوحت إلينا والأنامل رسلها (٩)

أي: أشارت، وكذا إذا كانت بمعنى: أرسل؛ يقال: أوحى الله إلى نبيه، بكذا -


(١) في الهامش: بالثلث.
(٢) التذييل (٤/ ١٤).
(٣) سورة الأعراف: ٥٧.
(٤) سورة الرعد: ٢.
(٥) سورة الزلزلة: ٥.
(٦) سورة النحل: ٦٨.
(٧) سورة الصافات: ٢٣.
(٨) سورة الأعراف: ٤٣.
(٩) من الطويل، وهو أيضا بدون تتمة في التذييل (٤/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>