للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومن استعمال «عن» للاستعلاء قولهم: بخل عنه، والأصل: بخل عليه؛ لأن الذي يسأل فـ «يبخل» يحمل السائل ثقل الخيبة مضافا إلى ثقل الحاجة؛ ففي «بخل» معنى ثقل فكان حقيقيّا بأن يشاركه في التعدية بـ «على»، فإن عدّي بـ «عن» كان معناها معنى «على»، وأيضا فإنّ «شحّ وضنّ» بمعنى «بخل» وتعديتهما في الغالب بـ «على» لا بـ «عن» فكانت «بخل» (أحق) (١) بذلك إلا أن «بخل» أكثر استعمالا فعديت بـ «عن» نيابة عن «على»؛ لأنها أخف منها، وبصلاحية «عن» للاستعلاء عدّي بها «رضي»، والأصل تعديته بـ «على»؛ لأن قائله مقبل على المعلق به ومثن عليه، ولأن في «رضيت عنه» معنى: رضيته وزدت على رضاه، والزيادة استعلاء فجيء بـ «عن» دالة عليه وكانت «على» أحقّ منها لكنهم قصدوا مخالفة غضب وسخط فعدوا «رضي» بـ «عن» لصلاحيتها للاستعلاء كما تقرر. وقد نبه على الأصل المتروك من قال:

٢٥١٧ - إذا رضيت عليّ بنو قشير ... لعمر أبيك أعجبني رضاها (٢)

واستعمال «عن» للاستعانة: كقول العرب: رميت عن القوس، كما يقولون:

رميت بالقوس؛ فـ «عن» هنا كالباء في إفادة الاستعانة. وحكى الفرّاء عن العرب:

رميت عن القوس، وبالقوس على القوس وأنشد:

٢٥١٨ - أرمي عليها وهي فرع أجمع ... وهي ثلاث أذرع وإصبع (٣)

واستعمال «عن» للتعليل: كقوله تعالى: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ (٤)، وقوله تعالى: وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ (٥)، ومنه قول ضابئ البرجمي (٦): -


(١) في الأصل: حقيقة.
(٢) من الوافر لقحيف العقيلي وانظره في أدب الكاتب (ص ٣٩٥) والتصريح (٢/ ١٨)، والكامل (٣/ ٨٢٤)، والمقتضب (٢/ ٣٢٠) وهو يروى: «الله» موضع «أبيك».
(٣) رجز، لحميد الأرقط وانظر: التصريح (٢/ ٢٨٦)، والكتاب (٢/ ٣٠٨)، واللسان «ذرع - رمى - علا - فرع».
(٤) سورة التوبة: ١١٤.
(٥) سورة هود: ٥٣.
(٦) ضابئ بن الحارث بن أرطاة شاعر خبيث اللسان كثير الشر أدرك الإسلام (ت: ٣٠ هـ). راجع:
الأعلام (٣/ ٣٠٥)، ومعاهد التنصيص (ص ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>