للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال آخر:

٢٦٥٥ - يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم ... لاقى مباعدة منكم وحرمانا (١)

ولا مبالاة بقول المبرد ولا بقول ابن السراج؛ فإنهما لم يستندا في ذلك إلا إلى مجرد الدعوى، ولو لم يكن غير ما ادعياه مسموعا لكان مساويا لما ادعاه في إمكان الأخذ به، فكيف وهو ثابت بالنقل الصحيح في الكلام الفصيح؟! وقد يكون ما وقعت عليه «ربّ» حالا كقولك لمن قال: ما في وقتنا امرؤ مستريح: رب امرئ في وقتنا مستريح، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:

٢٦٥٦ - فقمت ولم تعلم عليّ خيانة ... ألا ربّ باغي الرّبح ليس برابح (٢)

ومثله:

٢٦٥٧ - ألا ربّ من تغتشّه لك ناصح ... ومؤتمن بالغيب غير أمين (٣)

وقد هدي الزمخشريّ إلى الحق في معنى «ربّ» فقال في تفسير قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ (٤): قَدْ نَرى ربما نرى، ومعناه: كثرة الرؤية (٥) وقال في قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ (٦) بمعنى ربّما التي تجيء لزيادة الفعل وكثرته (٧)، وقال في قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ (٨): أدخل (قد) لتوكيد علمه بما هم عليه؛ وذلك أن (قد) إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى «ربما»، فوافقت «ربما» في خروجها إلى معنى التكثير في قوله:

٢٦٥٨ - فإن تمس مهجور الفناء فربّما ... أقام به بعد الوفود وفود (٩)

فكلامه هذا سديد أداه إليه ترك التقليد، وقال في رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ -


(١) من البسيط، لجرير، ديوانه (ص ٤٩٢)، والعيني (٣/ ٣٦٤)، والكتاب (١/ ٢١٢)، والمقتضب (٣/ ٢٢٧)، (٤/ ١٥٠، ٢٨٩)، والهمع (٢/ ٤٧).
(٢) من الطويل ورواية الديوان (ص ٤٦٤): «فمتّ» بدل «فقمت».
(٣) من الطويل، وانظر الأساس: غشش، والأشموني (١/ ١٥٤)، والدرر (١/ ٦٩)، (٢/ ٢١، ٤٣)، والكتاب (١/ ٢٧١)، واللسان «غشش»، والهمع (١/ ٩٢)، (٢/ ٢٨، ٣٩).
(٤) سورة البقرة: ١٤٤.
(٥) الكشاف (١/ ١٥١).
(٦) سورة الأنعام: ٣٣.
(٧) الكشاف (٢/ ١٣).
(٨) سورة النور: ٦٤.
(٩) من الطويل، وانظره في: الخزانة (٤/ ١٦٧)، وشرح المرزوقي على الحماسة (٢/ ٨٠٠)، والكشاف (٣/ ٢٠٥، ٢٠٦)، ومراتب النحويين (ص ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>