للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واستقرار الرداءة إلى المخاطب، وموضع المخفوض بـ «رب» مبتدأ و «بقول» خبره، فكأنه على تقدير: كثير من الرجال يقول ذلك. ولا يخفى ما في هذا من التكلف.

وقد يسر لي بحمد الله تعالى تخريجه بوجه لا تخطئة فيه ولا تكلف. وذلك بأن يجعل «يقول» مضارع «قال» بمعنى: فاق في المقاولة، ويجعل ذلك فاعلا أشير به إلى مرئي أو مذكور، كأنه قال: رب رجل يفوق ذلك في المقاولة؛ فهذا التخريج يؤمن الخطأ والتكلف، ويثبت استغناء مجرور «ربّ» عن الوصف، وكون ما دخلت عليه لا يلزم مضيه بل يجوز كونه مستقبلا وحالا.

ومنع ابن السراج استقباله وأجاز حاليته؛ فإنه قال: ولا يجوز: رب رجل سيقوم وليقومن غدا، إلا أن تريد: رب رجل يوصف بهذا تقول: رب رجل مسيء اليوم محسن غدا، أي: يوصف بهذا (١). والصحيح: جوازهما إلا أن المضي أكثر، قال ابن خروف: والمتأخرون مختلفون في «ربّ»؛ منهم من تبع المبرد على مذهبه كابن السراج والفارسي، وهو فاسد؛ لأنه ألزم مخفوضه [٤/ ٢٦] الصفة وحذف ما يتعلق به وأن لا يدل إلا على التقليل ولا يفتقر إلى الصفة كما زعموا؛ لأن معنى التقليل والتكثير الذي دلت عليه يقوم مقام وصف مخفوضها كما كان ذلك في

«كم»، ولذلك قلت: كم غلام عندك؛ فابتدأت بنكرة؛ يعني أن ما دلت عليه «كم» من التكثير سوغ الابتداء بها مع أنها نكرة.

ونبهت بقولي: (وقد يعطف على مجرورها وشبهه مضاف إلى ضميريهما) على أنه قد يقال: رب رجل وأخيه رأيت، وكم ناقة وفصيلها ملكت؛ على تقدير: رب رجل وأخ له، وكم ناقة وفصيل لها. ثم نبهت على أن المجرور بها قد يكون ضميرا لازما تفسيره بمميز مؤخر مطابق للذي يقصده المتكلم من إفراد وتذكير وغيرهما، وأن الضمير على أشهر المذهبين لا يكون إلا بلفظ الإفراد والتذكير فيقال: ربّه رجلا، وربّه رجلين، وربه رجالا، وربّه امرأة وربّه نسوة، ومثال «ربه رجلا» قول الشاعر:

٢٦٦٢ - ربه امرأ بك نال أمنع عزّة ... وغنى بعيد خصاصة وهوان (٢)

ومثال «ربه رجالا» قول الآخر: -


(١) الأصول لابن السراج (١/ ٥١١) تحقيق/ عبد الحسين الفتلي (١٩٧٣).
(٢) من الكامل، وانظره في الدرر (٢/ ٢٠)، والهمع (٢/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>