للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والذي يدل على أن وصف مجرورها لا يلزم عند سيبويه تسويته إياها بـ «كم» الخبرية (١). ووصف مجرور كم الخبرية لا يلزم فكذا وصف ما سوّي بها.

ومن كلامه المتضمن استغناء مجرورها قوله في باب الجر: وإذا قلت: رب رجل يقول ذاك؛ فقد أضفت القول إلى الرجل بـ «رب» (٢). فبصريحه يكون «يقول» مضافا إلى الرجل بـ «رب» مانع كونه صفة؛ لأن الصفة لا تضاف إلى الموصوف وإنما يضاف العامل إلى المعمول فـ «يقول» إذا عامل في «رجل» بواسطة «رب» كما كان «مررت» من: مررت بزيد؛ عاملا في «زيد» بواسطة الباء، وكما كان («أخذت» من: أخذته من عبد الله) (٣) عاملا في «عبد الله» بواسطة «من»، وهما من أمثلة سيبويه في باب الجر، وقال فيهما: وإنما أضفت المرور إلى «زيد» بالباء، وقال أيضا: فقد أضفت الأخذ إلى «عبد الله» بـ «من» فجعل نسبة «مررت» من «بزيد»، ونسبة «أخذت» من «عبد الله» كنسبة «يقول» من «رب رجل».

وفي تمثيله بـ «رب» رجل يقول ذاك، وجعله «يقول» معدى إلى «رجل» بواسطة «ربّ» دليل على أن مضمون ما دخلت عليه «رب» يجوز استقباله.

ولا يلزم مضيه، وقد تقدمت شواهد ذلك؛ إلا أن في هذا المثال إشكالا بيّنا؛ وذلك أن ظاهره يقتضي جواز أن يقال: من زيد عجب؛ إذا عجب من نفسه، وهو غير جائز بإجماع؛ لأن فيه إعمال فعل رافع ضمير متصل في مفسره، وذلك ممتنع دون خلاف. وقد أخذ أكثر الناس هذا المثال على ظاهره فمنهم من خطأ فيه سيبويه، ومنهم من صوبه وتكلف تأويله، وأحسنهم مأخذا في التأويل أبو الحسن بن خروف؛ فإنه قال: فقول سيبويه: فقد أضفت القول إلى الرجل بـ «رب» (٤)؛ كلام حسن، وهو كقوله: فقد أضفت الكينونة إلى الدار بـ «في»، وكقوله: فقد أضفت إليه الرداءة بـ «في» (٥) يعني قوله: أنت في الدار، وفيك خصلة سوء؛ فـ «رب» أوصلت القول إلى قليل الرجال وكثيرهم، كما أوصلت «في» الكينونة إلى الدار، -


(١) ينظر: الكتاب (٢/ ١٥٦ - ١٦١).
(٢) الكتاب (١/ ٤٢١)، وفي الأصل: «ذلك» بدل «ذاك».
(٣) في الأصل: «أحدث من أحدثه من عند الله» وهو تحريف بيّن.
(٤) الكتاب (١/ ٤٢١).
(٥) الكتاب (١/ ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>