للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا حجة لهم إلا شبهتان:

إحداهما: أن «رب» للتقليل، والنكرة بلا صفة فيها تكثير بالشياع والعموم، ووصفها يحدث فيها التقليل بإخراج الحالي منه، أي: من الوصف فلزم الوصف لذلك.

والشبهة الثانية: أن قول القائل: ربّ رجل عالم لقيت، ردّ على من قال: ما لقيت رجلا عالما؛ فلو لم يذكر الصفة لم يكن الرد موافقا، وفي كلتا الشبهتين ضعف بيّن.

أما ضعف الأولى؛ فلترتيبها على «ربّ» للتقليل، وقد سبق أنها للتكثير، وعلى تقدير أنها للتقليل فإن النكرة دون وصف صالحة أن يراد بها العموم فيكون فيها تكثير، وأن يراد بها غير العموم فيكون فيها تقليل. فإذا دخلت عليها «ربّ» على تقدير وضعها للتقليل أزالت احتمال التكثير كما يزول احتمال التقليل بـ «لا، ومن» الجنسيتين، فإن وصفت بعد دخول «ربّ» ازداد التقليل، فإن كان المطلوب زيادة التقليل لا مطلقه فينبغي أن لا يقتصر على وصف واحد؛ لأن التقليل يزيد بزيادة الأوصاف.

وأما الشبهة الثانية؛ فضعفها أيضا بيّن؛ لأن مرتبه على أن «ربّ» لا يكون إلا جوابا، وعلى أن الجواب يلزم أن يوافق المجاب وكلا الأمرين غير لازم بالاستقراء.

والصحيح: أنها تكون جوابا وغير جواب، وإذا كانت جوابا فقد تكون جواب موصوف، وجواب غير موصوف فيكون لمجرورها من الوصف وعدمه ما للمجاب فيقال لمن قال: ما رأيت رجلا: رب رجل رأيت، ولمن قال: ما رأيت رجلا عالما: رب رجل عالم رأيت، وإذا لم يكن جوابا فللمتكلم بها أن يصف مجرورها، وأن لا يصفه.

ومن وقوعه غير موصوف قول أم معاوية رضى الله تعالى عنه:

٢٦٥٩ - يا ربّ قائلة غدا ... يا لهف أمّ معاويه (١)

ومثله:

٢٦٦٠ - ألا ربّ مأخوذ بإجرام غيره ... فلا تسأمن هجران من كان مجرما (٢)

ومثله:

٢٦٦١ - ربّ مستغن ولا مال له ... وعظيم الفقر وهو ذو نسب (٣)

-


(١) تقدم.
(٢) من الطويل، وانظره في: الدرر (٢/ ٢٢)، والهمع (٢/ ٢٨).
(٣) البيت بغير نسبة في التذييل (٤/ ٣٨) وفي الأصل: «نشب».

<<  <  ج: ص:  >  >>