للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

باب الاشتغال لم يجز؛ لأنه لا يجوز في الاشتغال إضمار الفعل وإبقاء الاسم مجرورا لا يجوز أن تقول: بزيد مررت به؛ بل تقول: زيدا مررت به؛ فدل ذلك على أن «رب» كأنها زائدة وكأنك قلت: رب رجل عالم لقيته، أو رجلا عالما لقيته؛ على حسب ما تنوي. وكذلك يجوز أن تقول: رب رجل عالم وغلام ضربته؛ بالخفض على اللفظ،

وبالرفع وبالنصب على الموضع على حسب ما تنوي، ويجوز أن تقول: رب رجل عالم وغلام ضربت؛ بالنصب، والخفض؛ فالخفض على اللفظ، والنصب على الموضع؛ لأنك لو أسقطت «رب» كان الكلام منصوبا، قال امرؤ القيس:

٢٦٨٤ - وسنّ كسنّيق سناء وسنّما ... ذعرت بمدلاج الهجير نهوض (١)

بنصب «سنم» عطفا على موضع «سن» المخفوض بواو «رب»؛ لأن الواو لو لم تدخل عليه كان الاسم منصوبا بـ «ذعرت» ويجوز الخفض في «سنم» على اللفظ (٢).

وقال في شرح الإيضاح (٣): اختلفوا في موضع «رب» مع الاسم المجرور بها فمذهب الزجاج، ومن وافقه أنها وما عملت فيه في موضع نصب أبدا تقول: رب رجل قد ضربت، ورب رجل قد أتاني؛ فهي في موضع نصب بـ «ضربت»، وب «أتاني» إلا إن قدّرت «ضربت» و «أتاني» في موضع الصفة لـ «رجل»، فتكون «ربّ» وما عملت فيه في موضع نصب بعامل مضمر. ومذهب الأخفش، والجرمي ومن تبعهما (٤) أن «رب» تزاد في الإعراب ويحكم على موضع مخفوضها بالرفع، أو بالنصب، أو بهما؛ ففي نحو: ربّ رجل عالم أتاني؛ يحكم على الاسم المجرور بأنه في موضع رفع بالابتداء، وفي نحو: ربّ رجل عالم لقيت؛ يحكم بأنه في موضع نصب بـ «لقيت» وكأنك قلت في الأول: فلان أتاني، وفي الثاني: فلانا لقيت، وفي نحو: رب رجل عالم لقيته، أو مررت به؛ يجوز في الاسم المجرور أن يكون في موضع رفع، بالابتداء وأن يكون في موضع نصب بفعل مضمر يفسره الظاهر بعده وكونه في موضع رفع بالابتداء أولى كما هو -


(١) من الطويل، والسن: الثور الوحشي، السنيق: الصّخرة الصلبة، السنا: الارتفاع، وكذلك السنم، مدلاج الهجير: فرس يسير فيه لشدة قوته ونشاطه، وانظره في ديوانه (ص ٧٦)، والدرر (٢/ ٢١)، والمغني (ص ١٢٦)، والهمع (٢/ ٢٧).
(٢) شرح الجمل (١/ ٥٠٨) تحقيق أبو جناح.
(٣) نقل طويل جذّا من الكتاب المفقود لابن عصفور، نص عليه صاحب الشرح.
(٤) الارتشاف (٢/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>