للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلى المخفوض بها على المعنى الذي لها. انتهى كلام ابن عصفور (١).

وقد اشتمل على مباحث حسنة، غير أن: في جعله «رب» في الزيادة نظيرة «لا» من قولهم: جئت بلا زاد - نظرا؛ وذلك أن الحكم بزيادة «لا» في مثل: جئت بلا زاد، الموجب له تخطي العامل إياها بعمله في ما بعدها وليس مثل ذلك موجودا في «ربّ».

وأما ما ذكره من أن: «ربّ» لو لم تكن زائدة في الإعراب لكان يلزم أن يكون الفعل المتعدي الى مفعوله بنفسه لا يصل إليه إلا بوساطة «ربّ» في نحو قولنا:

رب رجل عالم لقيته؛ فيمكن أن يجاب عنه بما تقدم، وهو: أن حرف الجر هنا لم يجلب للتعدي وإنما جلب لما يعطي من المعنى.

وبعد: فكلامه في شرح الإيضاح يقتضي الحكم عليها بالزيادة، وكلامه في شرح الجمل يقتضي أن حكمها حكم الحرف الزائد. ولعل هذا القول أقرب. وأما ابن أبي الربيع فإنه قال: ذهب أكثر النحويين إلى أن «رب» لا بد لها من فعل تتعلق به.

وسمعت لبعض المتأخرين كلاما يقتضي أن «لا» تحتاج إلى متعلق؛ وذلك أنه قال: إذا قلت: رب رجل عالم قد لقيته؛ فـ «رب» هنا حرف دخل على المبتدأ وخفضه وهو بمنزلة «بحسبك زيد» الأصل: حسبك زيد؛ فدخل حرف الجر فانخفض المبتدأ فكما أن المجرور هنا لا يحتاج إلى متعلق فكذلك: رب رجل عالم لا يحتاج إلى متعلق (٢).

وهذا الذي قاله لا يثبت ولا يوجد له نظير؛ لأن حرف الجر هنا زائد، وحرف الجر إذا كان زائدا فلا يلزم أن يتعلق بشيء إنما يكون بحسب ما يدخل عليه.

فإن دخل على المفعول طلب أن يتعلق بفعل؛ لأن المفعول طالب له، وإن دخل على المبتدأ أو خبره أو على خبر «ليس»، أو خبر «ما» لم يطلب ما يتعلق به، ولا يمكنك أن تجعل «رب» هنا زائدة؛ لأنها تحرز معنى، والزائد لا يحرز معنى، وإنما هو مؤكد؛ لأن كل حرف خافض لا يكون إلا موصلا، وإنما خفض إذا كان زائدا ليبقى عليه عمله الذي أنس به. وما أدته العرب للتوكيد، وليس له أصل فلا يكون خافضا؛ لأنه ليس موصلا، و «رب» خافضة فلا بد أن تكون موصلة أو منقولة منها إن جعلتها زائدة. -


(١) هذا النقل من شرح الإيضاح لن تجده إلا في شرح التسهيل لناظر الجيش الذي أعجب بابن عصفور وكتبه، كما تجده في شرح المقرب للدكتور علي محمد فاخر.
(٢) التذييل (٤/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>