للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقد صح ما ذكرته أنها لا بد (لها) (١) من فعل تتعلق به [٤/ ٣٤] ولا بد أن يكون ظاهرا، أو محذوفا، وإذا كان محذوفا كان على وجهين:

أحدهما: أن يكون قد ناب منابه شيء فلا يظهر.

الثاني: أن لا يكون قد ناب منابه شيء؛ فيجوز أن يظهر وأن لا يظهر، ويكون ظاهرا إذا لم يكن معك ما يدل عليه، وإذا كان معك ما يدل عليه ولم تكن الصفة تقوم مقامه؛ فأنت بالخيار: إن شئت حذفته، وإن شئت أظهرته، وإذا

كانت الصفة تقوم مقامه فلا يجوز إظهار الفعل.

فمثال ما أنت فيه بالخيار أن تسمع إنسانا يقول لك: ما لقيت رجلا عالما؛ فتقول له: رب رجل عالم لقيت، ولك أن لا تذكر «لقيت» فتقول: رب رجل عالم، وتكتفي بكونه جوابا فإن كان ذلك منك ابتداء فلا بد من إظهار الفعل، وأكثر ما تكون جوابا، وإذا كانت غير جواب فهي على تقدير ذلك (٢) إلا أن الفعل يظهر؛ لأن سامعك لا يعلم ذلك الفعل إذا حذفته.

ومثال ما يكون الفعل فيه لا يظهر لأن الصفة تقوم مقامه قولك: رب رجل يفهم هذه المسألة؛ لمن يقول لك: قد فهمتها، فالتقدير: رب رجل يفهم هذه المسألة (وجدت لكن مثل) (٣) هذا لا يظهر، وبهذا كان الأستاذ أبو علي (يتأول) (٤) كلام سيبويه لأنه قال: «رب» وصلت «يفهم» إلى «رجل»، أو ما هذا معناه فكان يقول: إن يفهم لا يصح أن يكون إلا صفة لـ «رجل»؛ لأن فعل المضمر لا يتعدى إلى ظاهره. ألا ترى أنك لا تقول: بزيد افتخر؛ تريد: بنفسه افتخر زيد؛ لأن فاعل «افتخر» ضمير يعود إلى «زيد» فكذلك فاعل «يفهم» ضمير يعود إلى «رجل» فكيف يتعدى إلى رجل بحرف جر؟ فلا بد له من متعلق محذوف إلا أنه لا يظهر، ونابت الصفة منابه، فلما كان كذلك قال سيبويه (٥) رحمه الله تعالى: إن «رب» -


(١) بالأصل: له.
(٢) في هامش المخطوط حاشية: كأنه يريد بذلك أنها على تقدير كونها جوابا.
(٣) بالأصل: وجدت مثل لكن، وهو تحريف واضطراب.
(٤) في الأصل: «تناول»، وينظر: التذييل (٤/ ٤٠).
(٥) ينظر: الكتاب (٢/ ٣١٤، ٣١٥)، (٣/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>