للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القسم غير الصريح إنما هو في الجملة الفعلية، وربما يقال: إن الواقع كذلك.

فإن ابن عصفور قال (١): الجملة الفعلية في هذا الباب قسمان؛ أحدهما: أن تكون الجملة الفعلية فيها معنى القسم وليست بقسم صريح، ثم فسر ذلك بأنه قال:

هو كل جملة لم يذكر فيها قسم إلا أن العرب تلقتها بما يتلقى به القسم نحو:

علمت ليقومن زيد، وأظن ليسبقنك عمرو.

وكذا ابن هشام فإنه قال: وأفعال القسم على ضربين: مصرحة ومضمنة؛ فالمصرحة: «أقسم وأحلف وآلى وتآلى» وما تصرف منها، والمضمنة: «علم ويعلم وشهد ويشهد» قال: وهذا مطرد في الظن أيضا وقد جاء في «خفت» قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أمرت بالسّواك حتّى خفت لأدردنّ» (٢) هذا كلام هذين الرجلين.

إلا أن يقال: الدليل على أن غير الصريح يكون في الجملة الاسمية قولهم: «في ذمتي» و «عهد الله» إذ لا يعلم بمجرد اللفظ به كون الناطق به مقسما، وما كان كذلك فلا شك أنه غير صريح.

ولا شك أن هذا كلام صحيح. إلا أن المصنف ذكر في باب المبتدأ أن من أسباب وجوب حذف المبتدأ أن يخبر عنه بصريح القسم، ومثّل ذلك بقوله: في ذمتي لأفعلن، وإذا حكم بصراحته هناك؛ كيف يحكم هنا بأنه غير صريح؟! والذي يظهر أن نحو: «في ذمتي لأفعلن» من القسم غير الصريح، وكذا «عهد الله».

وعلى هذا يكون كلام المصنف هنا هو المعتمد عليه، ويكون تقسيمه غير الصريح إلى جملة اسمية وفعلية تقسيما صحيحا ويحتاج بعد ذلك الاعتذار عن ما مثل به في باب المبتدأ وهو «في ذمتي لأفعلن» جاعلا ذلك من القسم الصريح.

ثانيها:

أن المصنف يرى أن المقسم عليه قد يكون أمرا طلبيّا كما عرفت.

ولا شك أن هذا الذي يراه مناف لقولنا في حد القسم: إنه يؤكد جملة خبرية. -


(١) في شرح الإيضاح المفقود.
(٢) انظره في ابن حنبل (١/ ٢٢٧، ٢٨٥، ٢٠٧)، (٣/ ٤٩٠) والمصباح المنير «درد»، والنهاية (١/ ١١٢)، والدرد: سقوط الأسنان.

<<  <  ج: ص:  >  >>