للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولهذا لما ذكر ابن عصفور الحد المشهور عن المغاربة للقسم وهو أنه: جملة يؤكد بها جملة أخرى كلتاهما خبرية، واعتذر عن ذلك بأن المراد منه أن الجملتين إذا اجتمعتا كان منهما كلام محتمل للصدق والكذب، قال بعد هذا (١): فإذا جاء ما صورته كصورة القسم وهو غير محتمل للصدق والكذب حمل على أنه ليس بقسم نحو قول الشاعر:

٢٧٣٨ - بالله ربّك إن دخلت فقل له ... هذا ابن هرمة واقفا بالباب (٢)

وقول الآخر:

٢٧٣٩ - بدينك هل ضممت إليك ليلى ... وهل قبّلت قبل الصّبح فاها (٣)

قال: فلا يكون مثل هذا قسما؛ لأن القسم لا يتصور إلا حيث يتصور الصدق والحنث، والصدق والحنث لا يتصور إلا فيما يحتمل الصدق والكذب، وقال في شرح الإيضاح - بعد قوله: فإن كانت الجملة غير خبرية لم يجز وقوعها جوابا للقسم -: فأما «بدينك» من قول الشاعر:

بدينك هل ضممت ... ... ...

و «بالله ربّك» من قول الآخر:

بالله ربّك إن دخلت ... ... ...

فليسا بقسمين؛ لأن الجملتين الواقعتين بعدهما غير محتملتين للصدق والكذب، وإنما المراد بهما استعطاف المخاطب، والتقدير: أسألك بدينك، وأسألك، لا أنهم أضمروا الفعل لدلالة المعنى عليه. وقد يحذفون الباء وينصبون في الضرورة نحو قوله:

٢٧٤٠ - أقول لبوّاب على باب دارها ... أميرك بلّغها السّلام وأبشر (٤)

قال: وأدلك على أن قولك: بالله هل قام زيد؟، وبالله إن قام زيد فأكرمه، وأشباهه ليس بقسم ثلاثة أشياء: -


(١) شرح الجمل (١/ ٥٢١).
(٢) من الكامل لابن هرمة الشاعر وانظره في شرح المفصل (٩/ ١٠١)، والصناعتين (ص ٦٨).
(٣) من الوافر للمجنون - ديوانه (ص ٢٨٦)، والأغاني (٣/ ٢١)، وشرح المفصل (٩/ ١٠٢) برواية «نعما» بدل «ليلى» و «بعد النوم» بدل «قبل الصبح»، والمنصف (٣/ ٢١)، وانظر: شرح الجمل (١/ ٥٢١).
(٤) من الطويل وانظره في التذييل (٧/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>