للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحدها: أنه لم يجئ في كلام العرب وقوع الحرف (الخاص) (١) بالقسم نحو:

التاء والواو موقع الباء؛ فلم يقولوا: تالله هل قام زيد، ولا: والله إن قام زيد فأكرمه.

الآخر: أنهم إذا أظهروا الفعل الذي يتعلق به الباء لم يكن من أفعال القسم؛ لا يقال: أقسم بالله هل قام زيد؟، وأحلف بالله إن قام زيد فأكرمه.

الشيء الثالث: أن القسم لا يخلو من حنث أو بر، ولا يصح ذلك إلا فيما يصح اتصافه بالصدق والكذب. فإن قيل: الدليل على أن مثل هذا قسم قول الشاعر:

٢٧٤١ - أيا خير حيّ في البريّة كلّها ... أبا لله هل لي في يميني من عقل (٢)

فإنه سمى «أبا لله هل لي» يمينا وقول الآخر:

٢٧٤٢ - أجهّالا تقول بني لؤيّ ... لعمر أبيك أم متجاهلينا (٣)

أجيب عن الأول بأن قائله أراد: هل لي في يميني من عقل إن حلفت على أنك خير البرية.

وعن الثاني: أن جواب «لعمر أبيك» محذوف؛ التقدير: أجهالا تقول بني لؤيّ أم متجاهلينا؟ لعمر أبيك لتخبرني، إلا أنه قدم القسم، واعترض به بين الفعل، ومفعوله، وحذف الجواب لدلالة الاستفهام عليه؛ إذ معلوم أن المستفهم يطلب من المستفهم منه أن يخبره عما استفهم عنه (٤). انتهى كلام ابن عصفور.

وقوله: إن مثل هذا استعطاف وليس بقسم؛ هو الظاهر، ولا شك أن كونه قسما غير مذوّق. لكن كلام ابن هشام

ظاهره يعطي أنه قسم إلا أنه سماه قسما استعطافيّا وذلك أنه لما ذكر قول أبي علي: القسم جملة يؤكد الخبر بها؛ قال: ليس كل قسم يؤكد الخبر.

وقد تقدم أن الباء يقسم بها على جهة الاستعطاف نحو: بالله أحسن إليّ.

قال ابن هرمة (٥): -


(١) في الأصل: الخاص الحرف، وهو اضطراب بيّن.
(٢) من الطويل وانظره في التذييل (٧/ ١١٦)، وشرح المفصل (٩/ ١٠٢).
(٣) من الوافر للكميت بن زيد، وليس في ديوانه. التصريح (١/ ٢٦٣)، والدرر (١/ ١٤٠)، والعيني (٢/ ٤٢٩)، والكتاب (٩/ ٦٣)، والمقتضب (٢/ ٣٤٨)، والهمع (١/ ١٥٧).
(٤) ينظر: التذييل (٤/ ٤٨) وما بعدها.
(٥) إبراهيم بن علي بن سلمة القرشي شاعر غزل من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، آخر من يحتج بشعرهم. قاله الأصمعي (ت: ١٧٦ هـ). الخزانة (١/ ٢٠٤)، والنجوم الزاهرة (٢/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>