للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٢٧٤٣ - بالله ربّك إن دخلت ... ... ... البيت

قال: ومنه: أقسمت عليك لتفعلن كذا، وأقسمت عليك إلا فعلت، وأقسمت عليك لما فعلت، و «لما» ها هنا بمعنى «إلا». قال سيبويه: وسألت الخليل عن قولهم: أقسمت عليك لما فعلت وإلا فعلت، لم جاز هذا في هذا الموضع؟ وإنما أقسمت هنا [٤/ ٤١] كقولك: والله، فقال: وجه الكلام: لتفعلن هاهنا، ولكنهم أجازوا هذا؛ لأنهم شبهوه بـ «نشدتك الله»؛ إذ كان فيه معنى الطلب (١).

يريد أن العرب تقول: نشدتك الله إلا فعلت، ومعنى «نشدتك الله»: سألتك بالله، وقالوا: «إلا فعلت» بمعنى: إلا تفعل. وتحقيق المعنى: لا أطلب منك إلا أن تفعل فدخلها معنى النفي فصلحت إلا لذلك. فهذا كقوله:

٢٧٤٤ - [إنا الضّامن الرّاعي عليهم] وإنّما ... يدافع عن أحسابهم [إلّا أنا] [أو مثلي] (٢)

لما كان في معنى «ما يدافع أحد إلا أنا» وتقول في الاستفهام: آلله لتقومن، وآلله لتخرجن، قال: فكل هذا ليس بتأكيد، ولذلك تستفهم بعد اليمين فتقول: بالله أقام زيد؛ لأن المعنى هنا: أخبرني، قال: وقد منع من هذا أبو علي؛

فقال:

لا يجوز في القسم الذي هو استعطاف في الحقيقة: بالله هل قمت؟؛ لأنه ليس بمقسم، وتأول قوله:

٢٧٤٥ - أيا خير حيّ في البريّة كلّها ... أبا لله هل لي في يميني من عقل

على أنه في معنى: إن حلفت على أنك خير مني. انتهى.

ومقتضى كلامه، أن القسم قسمان: قسم يقصد به التوكيد، وقسم يقصد به الاستعطاف والسؤال، وفي تسمية ما يقصد به الاستعطاف والسؤال قسما نظر.

وكيف يتصور قسم بدون جواب له لا ملفوظ به ولا مقدر؟! ولهذا سأل سيبويه الخليل - رحمه الله تعالى - عن قولهم: أقسمت عليك لما فعلت وإلا فعلت، لم جاز هذا في هذا الموضع؟ وإنما أقسمت هنا كقولك: والله. فمعنى كلام سيبويه أن أقسمت يقتضي جوابا؛ لأنه كقولك: والله، ولا شك أن «والله» يقتضي جوابا، -


(١) الكتاب (٣/ ١٠٥، ١٠٦).
(٢) ما ذكره جزء بيت من الطويل للفرزدق، وقد أكملناه من ديوانه، ومن هامش المخطوط. وانظر:
ديوان الفرزدق (٢/ ١٥٣) والمحتسب (٢/ ١٩٥)، ومعاهد التنصيص (١/ ٨٩)، والمغني (ص ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>