للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«لا يمنك لئن ابتليت لقد عافيت» (١) ومن إضافته إلى «الذي» قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«وايم الذي نفسي بيده» (٢)، وفيه حين يليه «الله» اثنتا عشرة لغة: ثلاث مع ثبوت الهمزة والنون، وثلاث مع حذف

النون دون الهمزة، وثلاث مع حذف الهمزة والياء وثبوت النون، وثلاث مع الاقتصار على الميم فيقال: ايمن الله، وايمن الله، وايمن، وايم الله، وايم الله، وام الله، ومن الله، والله، ومن الله، وم الله، وم الله، وم الله.

وزعم بعضهم: أن الميم المفردة بدل من واو «الله» كالتاء وليس بصحيح؛ لأنها لو كانت بدلا منها لفتحت كما فتحت التاء، ولأن التاء إذا أبدلت من الواو في القسم فلها نظائر في غير القسم مطردة كـ «اتصف، واتصل»، وغير مطردة كـ «تراث وتجاه»، وليس لإبدال الميم من الواو إلا موضع شاذ، وهو «فم» وفيه مع شذوذه خلاف.

وزعم الزمخشري: أنها من المستعملة مع «ربي»، فحذفت نونها (٣) وليس بصحيح أيضا؛ لأنها لو كانت إياها لاستعملت في النقص مع ما استعملت في التمام على الأشهر كما لم تستعمل «ايمن» في النقص إلا مع ما استعملت في التمام على الأشهر.

واحترزت بالأشهر من رواية الأخفش عن بعض العرب: من الله، ومن الكعبة، وايمن الله، وايمنك، وايم الله نفسي بيده (٤). وقال الزمخشري في «م الله»: ومن الناس من يزعم أنها من «ايمن» (٥). قلت: لم يعرف من الذي زعم ذلك وهو سيبويه - رحمه الله تعالى - فإنه قال - في باب عدة ما يكون عليه الكلم -: واعلم أن بعض العرب يقول: م الله لأفعلن، يريد: ايم الله (٦). وفي عدم معرفة الزمخشري بأن صاحب هذا القول سيبويه دليل على أنه لم يعرف من كتابه إلا ما يعرف بتصفح وانتقاء، لا بتدبر واستقصاء، فما أوفر تبجحه، وأيسر ترجحه عفا الله عنّا وعنه.

وزعم الكوفيون: أن «ايمن» المذكور جمع «يمين»، ورأيهم هذا ضعيف ويدل على ضعفه ثلاثة أمور:

أحدها: أن همزة الجمع همزة قطع، وهمزة هذا الاسم همزة وصل؛ لسقوطها -


(١) ينظر الارتشاف (٢/ ٤٨٠)، وشرح العمدة (٣٢٥، ٨٦٢)، والهمع (٢/ ٤٠).
(٢) أخرجه البخاري: الأيمان والنذور (٨٣) وانظر: شواهد التوضيح (ص ٥٠)، والهمع (٢/ ٤٠).
(٣) المفصل بشرح ابن يعيش (٩/ ٩٨، ٩٩).
(٤) وينظر: الارتشاف (٢/ ٤٨٠).
(٥) المفصل (٩/ ٩٩).
(٦) الكتاب (٤/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>