للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولقد صدق فإنه أبرز للناس تصانيف في هذا العلم لا عهد لهم بمثلها، وجلالة كتاب «التسهيل»، وما اشتمل عليه

من الجمع والتنقيح والتحبير مع الإيجاز تشهد له بالتبريز، وقد كان الشيخ مكبّا على هذا الكتاب بعد أن كتبه بخطه، وشحن هوامشه بالأمثلة والشواهد، وكان عمدته، وغالب أوقاته ينظر فيه وطالما شاهدته وهو يخرجه من كمه حين يسأل عن مسألة فينظر فيه ويجيب وكان يقول: من عرف هذا الكتاب حقّ المعرفة لا يكون تحت أديم السّماء أحد أعلم منه بهذا الفنّ.

ثم إن الناس يذكرون أن الشيخ لم يقرأ كتاب سيبويه على أحد أيضا ببلاد الغرب وأنه بعد قدومه إلى الديار المصرية قرأه على الشيخ بهاء الدين بن النحاس (١) مصححا ألفاظه ومحررا لها مع قصد الرواية، أما قراءة بحث وتدبر فلا. وأما قوله عن الزمخشري: إنه وافر التبجح كثير الترجح معظم نفسه؛ فالزمخشري في صوب آخر يضاد ما ذكره الشيخ عنه؛ ودليل ذلك أن الحافظ السلفي (٢) رحمه الله كتب إليه يستجيزه، وسأله أن يكتب له مجموعاته في الفنون وتصانيفه ومشايخه الذين أخذ عنهم العلم الشريف إلى غير ذلك، وأكد عليه في الجواب وقال: كنت كتبت في العام الماضي أستدعي ذلك فلم يرد علي جواب يشفي الغليل. فكتب الزمخشري الجواب إلى السلفي رحمهما الله تعالى: ما مثلي مع أعلام العلماء إلا كمثل السها (٣) مع مصابيح السماء، والجهام (٤) الصفر الرهام (٥) مع العوادي العامرة القيعان والآكام (٦)، والسّكّيت (٧) المخلف مع خيل السباق، والبغاث (٨) مع الطير العتاق، وما التقليب بالعلامة إلا شبه الرقم مع العلاقة، والعلم مدينة أحد بابيها:

الدراية، والثاني: الرواية، وأنا في كلا البابين ذو بضاعة مزجاة، ظلّي فيها أقلص -


(١) أبو عبد الله محمد بهاء الدين بن إبراهيم الحلبي من مؤلفاته: التعليقة على المقرب لابن عصفور وهي محققة بكلية اللغة العربية بأسيوط وفي مخطوط بمكتبة الأزهر (٤٩٤٧) (رواق الأتراك) أمهات المؤمنين، وشرح ديوان امرئ القيس (ص ٦٩٨) انظر الأعلام (٦/ ١٨٧)، وغاية النهاية (٢/ ٤٦)، والنشأة (ص ٢٧٦).
(٢) ينظر الأعلام (٤/ ٢٩٣) والنجوم الزاهرة (٦/ ١٢٧) - (ت: ٥٤٤ هـ).
(٣) كويكب صغير خفي الضوء في بنات نعش الكبرى، والناس يمتحنون به أبصارهم.
(٤) السحاب الذي لا ماء فيه.
(٥) جمع رهمة: المطر الضعيف الدائم.
(٦) ما ارتفع عما حوله ولا يبلغ حجرا.
(٧) آخر ما يجيء من الخيل في الحلبة.
(٨) كل طائر ليس من جوارح الطير، وفي المثل: إن البغاث بأرضنا يستنسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>