للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تلقيت القسم باللام وحدها إذا دخلت عليه السين أو «سوف» أو «قد» أو تقدم معموله عليه قال الله تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ (١)، وعبارته في «المقرب» شاملة للصور كلها مع الاختصار؛ فإنه قال: إن اللام تدخل على المضارع المثبت وحدها إن فصل بينها وبين الفعل (٢)، فلو قال المصنف ذلك لخلص من إيراد الفصل بـ «قد» عليه. ثم قال ابن عصفور: ولم يسمع دخول اللام على السين إلا أن البصريين أجازوا ذلك بالقياس على «سوف». قال: ولم يجز الفراء دخول اللام عليها؛ لأن اللام كالجزء مما تدخل عليه، ودخولها على السين يؤدي إلى توالي أربعة أحرف بالتحريك فيما هو كالكلمة الواحدة وهو مرفوض في كلامهم (٣). ثم قال: والصحيح عندي أن ذلك [٤/ ٥٤] جائز بدليل قول العرب:

والله لكذب زيد كذبا ما أحسب أن الله يغفره، فكما جاز ذلك يجوز أن يقال:

والله لسيقوم زيد. ثم ذكر ابن عصفور عن أبي علي الفارسي أنه قال (٤): وإنما لم تدخل إحدى النونين مع السين و «سوف»؛ لأن النون إنما تدخل في اللغة لتخلص المستقبل من الحال فاستغني عن النون بدخول السين أو «سوف» لإفادتهما الاستقبال. قال - يعني أبا علي -: ولم تدخل في لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (٥)؛ لأن اللام التي أدخلت إحدى النونين معها غير لام الابتداء، وإنما دخلت ليحاول بها الفصل بين اللامين لام الابتداء واللام التي تدخل على الفعل المستقبل وتدخل النون معها في أكثر الأمر؛ يعني أنك إذا قلت: إن زيدا ليقوم؛ علم أن هذه اللام لام ابتداء وأن الفعل الذي دخلت عليه فعل حال، وإنما أخرت إلى الخبر والنية بها التقديم؛ كراهية الجمع بينها وبين «إنّ» لما كانتا لمعنى واحد وهو التوكيد، ولذلك علقت الفعل في نحو: علمت أن زيدا ليقوم، وإذا قلت: إن زيدا ليقومن؛ علم أن اللام جواب لقسم محذوف، وأن الفعل الذي دخلت عليه مستقبل، وليست إذ ذاك منويّا بها التقديم؛ بل هي واقعة في محلها ولذلك لم تعلق الفعل به في نحو قوله:

علمت أن زيدا ليقومن، قال: فلما كان دخول إحدى النونين المقصود به الفرق بين اللامين لم يحتج إليها إذا دخلت على الجار والمجرور في نحو: لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ؛ -


(١) سورة النحل: ١٠٣.
(٢) المقرب (١/ ٢٠٦).
(٣) وانظر: الهمع (٢/ ٤٢).
(٤) ينظر: الإغفال (١/ ٧٩)، والتذييل (٤/ ٦١).
(٥) سورة آل عمران: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>