للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعالى: وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ (١)، ثم قال: وهذه اللام الداخلة على أداة الشرط في مذهب البصريين زائدة للتأكيد، وموطئة لدخول اللام على الجواب، ودالة على القسم إذا حذف، وليست التي يتلقى بها القسم، بدليل جواز سقوطها وأيضا بدليل قول كثير:

٢٨٤٧ - لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها ... وأمكنني منها إذا لا أقيلها (٢)

فرفع «أقيلها» يدل على اعتماد القسم عليه، ولو كانت لام «لئن» هي جواب القسم لا نجزم «لا أقيلها» كما تقول: (إن تقم) (٣) إذا لا أقم، ومما يدل على أن هذه اللام الداخلة على أداة الشرط موطئة لدخولها على الجزاء وجعله جوابا للقسم ودالة عليه إذا حذف - أن الفعل الواقع جوابا للقسم المحذوف إذا كان منفيّا لم يجز حذفها إذ ذاك؛ لأنها لو حذفت لم يكن في اللفظ ما يدل على القسم المحذوف، فإذا وجد من كلام العرب: إن قام زيد لا يقوم عمرو؛ لم يحمل على القسم بل لا بد من إدخال اللام على أداة الشرط إذا أريد به معنى القسم كما جاء في بيت كثير، وكقوله تعالى: لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ (٤).

قال أبو علي: فإن قلت: كيف تدخل هذه اللام موطئة لدخولها على الجزاء وهي تدخل على «إن» حيث لا تدخل اللام على الجزاء كقوله تعالى: لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ؟ قيل: إنما دخلت؛ لأن الجزاء قد دخله ما يقوم مقام اللام في المعنى، ألا ترى أنه لا يتلقى بها القسم كما يتلقى باللام، فإذا كان كذلك كان دخول «لا» كدخول اللام؛ فجاز دخول اللام على الشرط لدخول «لا» كما جاز دخوله مع دخول اللام (٥).

وزعم الفراء أن اللام لما دخلت على الشرط أجيب بجواب القسم (٦)، وذلك فاسد؛ لأن الجواب معتمد على القسم كما تقدم، ثم ذكر (٧) أبي علي بحثا مع الفراء يقتضي إبطال ما ادعاه فتركت إيراده؛ لأنني لم أتحققه. -


(١) سورة المائدة: ٧٣، وشرح الجمل (١/ ٣٨١، ٣٨٢).
(٢) من الطويل. ديوانه (٢/ ٧٨)، والدرر (٢/ ٥)، والكتاب (١/ ٤١٢)، والهمع (٢/ ٧).
(٣) بالأصل: تقم إن، وهو اضطراب.
(٤) سورة الحشر: ١٢.
(٥) التذييل (٤/ ٦٥) بغير نسبة لأحد.
(٦) الهمع (٢/ ٤٢، ٤٣).
(٧) أي: ابن عصفور في شرح الإيضاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>