للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللفظ مشتركا بين المعنيين؛ فذاك شيء آخر، وأما «جير» فقد تقدم استدلال المصنف على حرفيتها بأمور ولم يطعن الشيخ في شيء منها. وإنما شنع على المصنف بأنه جهل كلام سيبويه فيها أنها اسم لقوله في الشرح: وزعم قوم، وجرى معه في ذلك على عادته المعروفة.

وبعد ذلك كله فقد قال: والذي يظهر أنها من حروف الإجابة؛ للدلائل التي استدل بها المصنف (١)، وأما قول الشيخ في «جير» (٢): وقيل: هي مصدر، والمعنى: حقّا لأفعلن؛ فالظاهر أن هذا ليس قولا ثالثا فيها، وإنما القائل باسميتها وأنها يقسم بها يقول: معناها «حقّا»، ولا شك أن «حقّا» يقسم به؛ فكما يقسم بقولنا:

«حقّا» يقسم بما هو بمعناه فهي إما حرف إجابة، أو اسم بمعنى حقّا كما قال المصنف.

والقائلون بأنها اسم قالوا: إنما بنيت لقلة تمكنها؛ لأنها لا تستعمل إلا في القسم بخلاف «سبحان»؛ لأنها تخص باب التعظيم، بل قد توجد تعجبا وإنكارا. وقد استدل على اسميتها بتنوينها.

قال أبو علي الشلوبين: ويمكن أن يكون التنوين فيها جاء شاذّا كمجيء التنوين في اسم الفعل في الخبر في قولهم: قدإ لك، بكسر الهمزة، وأيضا فيمكن أن يكون من تنوين الترنم الذي يلحق القوافي عوضا من ياء ولا بد منها في الوزن (٣).

ومنها:

قول المصنف: وربما أغنت هي و «لا جرم» عن لفظ القسم؛ فإن فيه كلاما.

أما كون «جير» أغنت عن لفظ القسم؛ فغير ظاهر إن أريد بإغنائها عنه أنها قامت مقامه وهو الظاهر؛ لأنا نقول في قول الشاعر:

٢٨٥٧ - قالوا قهرت فقلت جير ليعلمن ... عمّا قليل أيّنا المقهور (٤)

إن القسم مقدر بعد «جير» أي: جير والله ليعلمن. فقد عرفنا من كلامه أن القسم يستغنى عنه بجوابه إذا دل عليه دليل. ولا شك أن الدليل هنا كلمة «جير» فإنها إنما تستعمل مع القسم ولا تستعمل دونه إلا قليلا، وإذا كان كذلك فلم تغن «جير» عن -


(١) التذييل (٧/ ١٧٣).
(٢) السابق.
(٣) الكافية الشافية (٢/ ٨٨٥)، والمغني (ص ١٢٠)، والهمع (٢/ ٤٤).
(٤) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>