إلى معمولها تحرزا من الصفة المضافة إلى غير معمولها نحو:«ضارب الأمير» مريدا به: الذي يضرب للأمير، لا الذي يضرب الأمير، ومنه قول الشاعر:
٢٩١٤ - ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر (١)
المراد: ألقيت الذي يكسب لهم، لا الذي يكسبهم. ومن أجل هذا قيد المصنف الصفة بكون مجرورها مرفوعا بها في المعنى أو منصوبا. فأما بهذا القيد أن الصفة التي لا تتعرف بالإضافة لا بد أن تكون مضافة إلى ما هو معمول لها.
واعلم أن غير المصنف يجعل الصفة العاملة المضافة اسم فاعل كانت أو اسم مفعول أو صفة مشبهة مضافة إلى منصوب؛ لأن اسم المفعول لا يضاف إلى معمول حتى يحول الإسناد فيجعل اسم المفعول مسندا إلى ضمير الاسم السابق وهو منعوت اسم المفعول وينصب ذلك المعمول على التشبيه بالمفعول به، ثم يضاف إليه، وكذا الأمر في الصفة المشبهة.
وهذا لا نزاع فيه، إلا أن المصنف لما لم يصرح بذكر اسم الفاعل ولا اسم المفعول ولا الصفة المشبهة، بل ذكر الصفة وأطلق قصد أن ينظم كلامه ثلاثة الأقسام فدخل تحت قوله:(مجرورها مرفوع بها في المعنى) اسم المفعول والصفة المشبة؛ لأن مجرورهما وإن كان قبل جره بها منصوبا لفظا فهو المسند إليه في الحقيقة وما كان في الحقيقة مسندا إليه كان متصور الرفع فيصدق عليه أنه مرفوع معنى، وخلص قوله بعد ذلك:(أو منصوب) لدخول اسم الفاعل، وفي الظن أنه إنما قيد نصبا بقوله:
(حقيقيّا) تحرزا من اسم المفعول والصفة المشبهة؛ فإنه يصدق على مجرورهما أنه منصوب ولكنه نصب غير حقيقي. على أنه غير محتاج للتقييد بالحقيقي؛ لأن تقدم قوله:(مرفوع بها في المعنى) يوجب أن يكون قوله بعد ذلك: (أو منصوب) مرادا به اسم الفاعل، ولكن كأنه إنما ذكر القيد المذكور تنبيها على أن النصب في البابين - أعني باب اسم المفعول وباب الصفة المشبهة - ليس بحقيقي.
وإذا اعتبرت ما فعله المصنف علمت أنه سلك مسلكا حسنا وأنه موفق معان رحمه الله تعالى، والنية في هذه الإضافة الانفصال فإن الموضع موضع فعل كما قال -