للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن أضيف إلى نكرة تعين اعتبار المعنى في ما له من ضمير وإخبار وغير ذلك فتقول:

كل رجلين أتياك فأكرمهما، وكل رجال أتوك فأكرمهم، وكل امرأة أتتك فأكرمها، ومنه قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ (١). وإذا أضيف إلى معرفة لفظا أو نية جاز اعتبار المعنى واعتبار اللفظ؛ فمن اعتبار المعنى قوله تعالى: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ (٢)، ومن اعتبار اللفظ قوله تعالى: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٣) وإفراد ما لـ «كلا» و «كلتا» أجود من تثنيته ولذلك جاء القرآن العزيز بالإفراد قال الله تعالى: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها (٤).

فقال آتَتْ ولم يقل: آتتا، وقد اجتمع الوجهان في قول الشاعر:

٢٩٥٨ - كلاهما حين جدّ الجري بينهما ... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي (٥)

ويتعين إفراد الخبر في نحو: كلانا كفيل صاحبه؛ لإضافته إلى «صاحبه» إذ لو ثني الخبر فقيل: كلانا كفيلا صاحبه؛ لزم الجمع بين تثنية وإفراد في خبر واحد وفي الإفراد السلامة من ذلك فكان متعينا، ولأن إضافة «كفيل» إلى «صاحب» وهو مضاف إلى ضمير «كلا» بمنزلة تثنيته، فلو ثني لكان ذلك بمنزلة تثنيته مرتين فلم يجز ذلك. انتهى كلامه رحمه الله تعالى (٦).

ويتعلق به أبحاث:

أولها:

قوله في «قبل» و «بعد» أنهما يلزمهما الظرفية ما لم ينجرّا بـ «من» ظاهر، ولكن الجماعة كأنهم لا يحكمون لهما بذلك. ولهذا قال الشيخ: إنهما صفتان للظرف وليسا بظرفين، وأن الأصل في نحو: جاء زيد قبل عمرو: جاء زيد زمنا قبل زمن مجيء عمرو، وكذا «بعد» التقدير فيها: زمنا بعد زمن مجيء عمرو (٧).

ولا يخفى بعد هذا التقدير، ثم إن الموصوف الذي قدروه لم ينطق به أصلا والذي يظهر أنهما أنفسهما ظرفان، فـ «قبل» في قولنا: جاء زيد قبل عمرو؛ اسم زمن -


(١) سورة آل عمران: ١٨٥، وسورة الأنبياء: ٣٥، وسورة العنكبوت: ٥٧.
(٢) سورة النمل: ٨٧.
(٣) سورة مريم: ٩٥.
(٤) سورة الكهف: ٣٣.
(٥) من البسيط وانظره في التذييل (٧/ ٢٢٨).
(٦) شرح التسهيل (٣/ ٢٤٦).
(٧) التذييل (٧/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>