للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإبهام، فحملت عليهما وقد تقدم الكلام على «غير» مشبعا في باب المستثنى. ومن جملة الكلمات أيضا: «حسب» فهي منقطعة عن الإضافة ومبنية على الضم، وذكروا أنها إذا أريد بها هذا المعنى تضمن معنى «لا غير» وتستعمل وصفا وحالا وتكون مبتدأة أيضا فيقال: قبضت عشرة حسب، ورأيت عشرة الرجال حسب، وقبضت ألفا فحسب. ولا شك أن إضافتها مقدرة، ولهذا بنيت على الضم لقطعها عن الإضافة لفظا وإرادتها معنى قالوا: والتقدير في المثالين الأولين اللّذين «حسب» فيهما صفة وحال: حسبي. ولم يظهر لي مع هذا التقدير معنى الوصفية ولا الحالية ثم إذا كان حسب مقدر الإضافة كان معرفة، والمعرفة لا يوصف بها النكرة ولا تقع حالا.

يقال: إن الكلمة بمعنى «كاف» واسم الفاعل لا يتعرف بالإضافة؛ لأن الكلمة المذكورة لو لم تقدر معرفة لم تبن على الضم ولو قدر تنكيرها لوجب الإعراب كما في «قبل» و «بعد» وأخواتها. والذي يظهر أن يقال: إن «حسب» لما قطعت عن الإضافة ونوي معنى المضاف إليه وبنيت الكلمة على الضم قطع النظر بعد هذا عن كونها كانت مضافة وأفردت عن المضاف إليه ثم جعلت في حكم [٤/ ٨٧] كلمة مستقلة أتي بها ابتداء دون إضافة وحينئذ يتوجه القول فيها بأنها نكرة فتنعت بها النكرة ويصح وقوعها حالا.

وأما كونها مضمنة معنى «لا غير»؛ فقد ينازع فيه، ويقال: لا يلزم من كونها تفيد من المعنى ما يفيده «لا غير» أن تكون مضمنة معناها، وإنما استفيد هذا المعنى من جهة أخرى. وبيانه أن الأصل في حسب المضافة لفظا أن معناها معنى «كاف» فحكمها على هذا حكم اسم الفاعل العامل الذي لا يتعرف بالإضافة؛ وعلى هذا ينعت بها النكرة وتقع حالا كقولك: رأيت رجلا حسبك من رجل، أي: كافيا لك عن غيره وقائل: زيد حسبك من رجل، أي: كافيا عن غيره، وتقع معمولة للابتداء ونواسخه.

والحاصل أن: حركات الإعراب تجري عليها رفعا ونصبا وجرّا قال الله تعالى:

حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ (١)، وقال تعالى: فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ (٢)، وإذا كان كذلك فلا شك أننا نفهم من قول القائل: رأيت رجلا حسبك من رجل، إذا كان معنى -


(١) سورة المجادلة: ٨.
(٢) سورة الأنفال: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>