للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«حسبك»: كافيا - أن ذلك الرجل الذي هو متعلق الرؤية مقتصرا عليه في الكفاية؛ بمعنى أنه يستغنى به فلا يحتاج معه إلى الغير.

وعلى هذا نقول: «حسب» المقطوعة عن الإضافة التي تقدم القول فيها تفسر بالمعنى المذكور أو بما يقرب منه. فمعنى «قبضت عشرة حسب»: قبضت عشرة مقصورا عليها قبض لم يتعدّ إلى غيرها كأنها كفته في المقبوض، وحسب هي التي أفادت ذلك، وكذا «رأيت زيدا حسب» رأيت زيدا مقصورا رؤيتي عليه كأنه لكماله كاف فلا يحتاج مع رؤيته إلى غيره. وكذا إذا قيل: قبضت ألفا فحسب؛ التقدير: فهو حسب، أي: فالألف المقبوض حسب، أي: كاف لي لا أحتاج إلى قبض غيره، وعلى هذا يكون معنى «حسب» في الحالين - أعني مضافة ومقطوعة عن الإضافة - واحدا، ولا يحتاج إلى القول بأن الكلمة ضمت معنى «لا غير».

وفي جعل «فحسب» - من: قبضت ألفا فحسب؛ مبتدأ، وأن التقدير: فحسبي ذلك - نظر؛ فإن التقدير إذا كان كذلك لا يكون معنى «حسب» في هذا التركيب معنى «لا غير»؛ لأنه إنما حصل الإخبار بأن الألف تكفيه، أما أنه اقتصر عليه ولم يقبض غيره؛ ففهمه من التركيب المذكور فيه بعد. ثم إن «حسب» عندهم نكرة وإذا كانت نكرة فما المسوغ للابتداء بها.

وبعد: فليعلم أن من الشواهد التي ذكروها دالة على بناء ما قطع عن الإضافة من الكلمات المذكورة قول الشاعر:

٢٩٨٨ - أقبّ من تحت عريض من عل (١)

وقول الآخر:

٢٩٨٩ - ولقد شددت عليك كلّ ثنيّة ... وأتيت نحو بني كليب من عل (٢)

وقول الآخر:

٢٩٩٠ - إذا أنا لم أو من عليك ولم يكن ... لقاؤك إلّا من وراء وراء (٣)

-


(١) رجز لأبي النجم في وصف فرس، والأقب: الضامر. والبيت في الكتاب (٣/ ٢٩٠)، والعيني (٣/ ٤٤٨) وشاهده: بناء «عل» على الضم.
(٢) من الكامل، وهو في التذييل (٧/ ٢٣٤).
(٣) من الطويل لعتي بن مالك العقيلي. التصريح (٢/ ٥٢)، والدرر (١/ ١٧٧)، وشرح المفصل (٤/ ٨٧)، والكامل (١/ ٣٨)، واللسان: «وري»، «بعد»، والهمع (١/ ١٢٠). -

<<  <  ج: ص:  >  >>