للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اذهبي بذي تسلمين، وفي التثنية: اذهبا بذي تسلمان، وفي الجمع: اذهبوا بذي تسلمون، واذهبن بذي تسلمن. وقالوا أيضا في القسم: لا بذي تسلم ما كان كذا؛ حكاه ابن السكيت (١) رحمه الله تعالى.

وقد اتفقت هنا الإضافة إلى الفعل لفظا وإلى المصدر تقديرا على أن كل مضاف إلى جملة مقدر الإضافة إلى المصدر من معناها، ومن أجل ذلك لا يعود منها ضمير إلى المضاف إليها. كما لا يعود من المصدر. فإن سمع ذلك عد نادرا كقول الأعشى:

٣٠٢٢ - وتبرد برد رداء العرو ... س في الصّيّف رقرقت فيه العبيرا

وتسخن ليلة لا يستطيع ... نباحا بها الكلب إلّا هريرا (٢)

ومثله:

٣٠٢٣ - مضت سنة لعام ولدت فيه ... وعشر بعد ذلك وحجّتان (٣)

وهذا مما خفي على أكثر النحويين. ولذلك قال ابن السراج: فإن قلت: أعجبني يوم قمت فيه؛ امتنعت الإضافة؛ لأن الجملة حينئذ صفة ولا يضاف موصوف إلى صفة (٤). ونبهت بقولي: (ويجوز في رأي الأكثر بناء ما أضيف إلى مبني من اسم ناقص الدلالة) على جواز بناء «غير» و «دون» و «بين» وشبهها من الأسماء التي لا تتم دلالتها على ما يراد بها إلا بما تضاف إليه مع مناسبتها الحروف بعدم قبولها للنعت والتعريف بالألف واللام والتثنية والجمع وبعدم اشتقاقها والاشتقاق منها؛ فإن ما فيها من مناسبة الحروف صالح لجعله سبب بناء على الإطلاق، لكنه ألغي في الإضافة إلى معرب واعتبر في الإضافة إلى مبني قصدا للمشاكلة. وبعضها أحق بالبناء من بعض لكونه أزيد مناسبة كما ترى في «غير» من وقوعها موقع «إلا» وموقع «لا» نحو: قاموا غير زيد وزيد غير بخيل ولا جبان. وحكى الفراء أن بعض بني أسد وقضاعة يبنون «غيرا» على الفتح إذا وقعت موقع «إلا» تمّ الكلام -


(١) يعقوب بن إسحق أبو يوسف، كان عالما بنحو الكوفيين وعلم القرآن واللغة، وهو راوية ثقة أخذ عنه السكري وغيره. له إصلاح المنطق والألفاظ (ت: ٢٤٤ هـ). الأعلام (٩/ ٢٥٥)، والإنباه (٤/ ٥٠) والنزهة (١٧٨) وانظر: الارتشاف (٢/ ٥٢٨)، والتذييل (٧/ ٢٤٨).
(٢) من المتقارب. ديوانه (٦٩)، والدرر (١/ ١٨٩)، والمغني (٥٩٢)، والهمع (١/ ٢١٩).
(٣) من الوافر للنابغة الجعدي، وقيل: للنمر بن تولب. ديوان الجعدي (١٦١)، والدرر (١/ ١٨٩)، وابن سلام (١٠٤)، والمقرب (١/ ٢١٦).
(٤) الأصول (٢/ ٨) وانظره (٢/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>