للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

٣٠٤٥ - ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... [وعادك ما عاد السّليم المسهّدا] (١)

أراد: اغتماض ليلة أرمدا؛ فحذف المصدر وجعل «ليلة» قائما مقامه في المصدرية كما قام المصدر مقام الظرف

في طلوع الشمس وشبهه. وجعل ابن جني من هذا رواية بعض رواة أبي عمرو عنه وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢) بضم النون وتخفيف الزاي على تقدير: ونزل نزول الملائكة تنزيلا (٣)، وفيه عندي نظر. وإن كان المضاف المحذوف «مثلا» جاز الحكم على المضاف إليه بالتنكير فينعت به نكرة نحو: مررت برجل زهير شعرا، وهذا زيد زهير شعرا؛ لأن الأصل: مررت برجل مثل زهير، وهذا زيد مثل زهير؛ فحذف لفظ «مثل» ونوي معناه فجرى مجراه ما نوي فيه معناه وإن كان لفظه لفظ المعرفة. ومن هذا النوع قولهم: تفرّقوا أيادي سبا (٤) فجعلوه حالا وهو في اللفظ معرفة؛ لأنهم أرادوا: مثل «أيادي سبأ» فحذف «مثل» وأقيم ما كان مضافا إليه مقامه في التنكير والإعراب.

وروى الثقات: يا أيادي سبا؛ بالسكون مع أن الموضع موضع نصب، لكن خفف للتركيب فألزم السكون كما ألزم السكون يا معديكرب. وقد يحملهم العلم بالمحذوف على حذف مضاف ومضاف إليه مضاف هو إلى ثالث مستغنى به عن الأول والثاني؛ فمن ذلك قوله تعالى: تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ (٥) أي: دورانا كدوران أعين الذي يغشى عليه من الموت. وقد تكون أربعة أسماء مضاف أولها إلى موصوف بثالث مضاف إلى رابع؛ فتحذف الثلاثة ويكتفى بالرابع كقول الشاعر:

٣٠٤٦ - طليق الله لم يمنن عليه ... أبو داود وابن أبي كثير

ولا الحجّاج عيني بنت ماء ... تقلّب طرفها حذر الصّقور (٦)

-


(١) من الطويل. ديوانه (١٣٥)، والمحتسب (٢/ ١٢١)، والمقتضب (١/ ٢٠٤).
(٢) سورة الفرقان: ٢٥.
(٣) المحتسب (٢/ ١٢٠، ١٢١)، والبحر المحيط (٦/ ٤٩٤).
(٤) مثل من أمثال العرب. مجمع الأمثال (١/ ٢٧٥)، وابن يعيش (٤/ ١٢٣).
(٥) سورة الأحزاب: ١٩.
(٦) من الوافر لإمام بن أقرم. الشجري (١/ ٣٤٤)، والكتاب (١/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>