للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

معناه يرجع إلى معنى الشواظ فالتبعية في «ونحاس» بالجر على الجوار حينئذ، وأما بيت جرير فلم يظهر لي أن التبعية فيه على غير الجوار وإذا كان كذلك تم الاستشهاد به على المسألة. فأما قول امرئ القيس:

٣١٤٢ - وظلّ طهاة اللّحم ما بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجّل (١)

فقد استشهد به أيضا، ولكن قد تقدم الكلام في آخر باب الأفعال الرافعة المبتدأ الناصبة الخبر بما يعلم منه أنه ليس من هذا القبيل (٢).

والذي يظهر أن التبعية في العطف على الجوار لا مانع منها من حيث الصناعة.

وأقوى الأدلة عليها الآية الشريفة أعني آية الوضوء لأن قراءة وأرجلكم (٣) بالجر ثابتة بالتواتر وغسل الأرجل واجب بالأدلة القاطعة فوجب أن يكون وَأَرْجُلَكُمْ في قراءة من جر معطوفة على ما تقدم من منصوب فَاغْسِلُوا فيكون مستحقّا للنصب مع أنه قد جر ولا وجه لجره إلا أن يكون على الجوار، والوجه الآخر الذي ذكره أبو البقاء وهو أن يكون الجر بجار محذوف التقدير:

وافعلوا بأرجلكم غسلا لا يخفى ضعفه وأن ما قدره في غاية البعد عن فصاحة كلام العرب فضلا عن فصاحة الكتاب العزيز. فإن قيل شرط التبعية على الجوار أمن اللبس وجر الأرجل يوهم عطفها على الرؤوس فوجب العدول عن القول بذلك.

فالجواب: أنا نقول لا لبس؛ وذلك أن غسل الأرجل في قراءة من نصب واجب قطعا لثبوتها بالتواتر فوجب أن يكون الحكم في قراءة من جر كالحكم في قراءة من نصب وهو وجوب الغسل كيلا تتصادم القراءتان، ولا يعكس هذا فيقال: قراءة الجر ثابتة بالتواتر أيضا. ولا شكّ أن الأرجل معطوفة على الرؤوس وحكمها المسح -


(١) من الطويل ديوانه (٢٢)، وتعليق الفرائد (١/ ١٠١٥) وشرح العمدة (٣٢٨) وشواهد التوضيح (١١٥) واللسان: ضعف، وطهى، ومعاني الفراء (١/ ٣٤٦).
(٢) قال: لأن المنصوب باسم الفاعل يجر كثيرا بإضافته إليه فكأنه إذا انتصب مجرور. وجواز جر المعطوف على منصوب اسم الفاعل مشروط بالاتصال كاتصال منضج بالمنصوب فلو كان منفصلا لم يجز الجر، نحو أن يقال بين منضج بالنار ضعيف شواء؛ لأن الانفصال يزيل تصور الإضافة المقتضية للجر؛ فلذلك لا يجوز جر المعطوف مع انفصال اسم الفاعل من معموله.
(٣) سورة المائدة: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>