للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إنهم اختلفوا في جواز إظهاره إذا كان رافعا أو ناصبا بعد اتفاقهم على جواز إظهاره إذا كان خافضا.

ولا يخفي أن كونه يكون معمولا لعامل مقدر ينفي كونه تابعا والاتفاق على أنه تابع.

ولا شك أنه إذا كان معمولا لغير العامل الأول كان مستقلّا بنفسه غير تابع لشيء قبله. وأما ظهور الخافض في قوله تعالى: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ (١) فلقائل أن يقول:

إن «لمن» جملته أعني الحرف وما دخل عليه هو البدل والمبدل منه «للّذين» بجملته أيضا. ولا يقول إن «من» خاصة بدل من «الّذين» خاصة ثم إن العامل في «الّذين» إنما هو «قال» واللام وصلة بين العامل ومعموله وقال: لم تعد، فكيف يقال إن العامل أعيد مع المخفوض. ومنهم من عدل عن هذه العبارة أعني كون البدل معمولا لعامل مقدر إلى قوله: إن المبدل منه على نية الطرح ولكنه عنى بذلك أنه منوي الطرح معنى لا لفظا.

ولذلك صرح ابن عصفور به حيث قال في حد البدل: إنه إعلام السامع بمجموع الاسمين أو الفعلين على جهة تبيين

الأول بالثاني وعلى أن ينوي بالأول منهما الطرح معنى لا لفظا (٢). فاحترز بقوله: على جهة تبيين من المعطوف نسقا وبقوله على أن ينوي بالأول الطرح من النعت والتأكيد وإنما قال معنى لا لفظا؛ لأن نحو ضربت زيدا يده جائز، فلو لم يعتد بزيد في اللفظ لم يكن للضمير ما يعود عليه. وظاهر كلام من قال: ينوي بالأول الطرح أن البدل معمول لعامل مقدر أيضا وفيه ما تقدمت الإشارة إليه.

والحق: أن العامل فيه هو العامل في المبدل منه. وقد عرفت أنه مذهب سيبويه (٣)، وأنه اختيار المصنف. ولا يتصور أن يقدر له عامل؛ لأن كونه تابعا بإجماع النحاة يمنع من تقدير عامل؛ لأن تقدير العامل يلزم منه الحكم للبدل بالاستقلال والحكم باستقلاله يخرجه عن كونه تابعا، ولما كان كذلك وكان البدل هو المعتمد عليه في الإخبار أتى المصنف في حده بهذه العبارة الحسنة وهو قوله: التابع المستقل بمقتضى -


(١) سورة الأعراف: ٧٥.
(٢) شرح الجمل (١/ ٢٧٩).
(٣) الكتاب (١/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>