للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ضمن معنى علمت فتكون الجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني. قال: وهو الصحيح عندي. فغاية الأمر أن البدلية في هذا الكلام قد قال بها النحاة غير المصنف واحتمل الكلام المذكور مع ذلك وجها آخر فقيل به.

ولا شك أن قولا لا يدفع بقول. فكيف يتجه للشيخ أن يبطل قول المصنف في مسألة بأن فيها قولا آخر يخالف ما قاله. بل كان الواجب إبطال ذلك بدليل.

وأما قوله: إن أتصبر في موضع نصب بكلمة وهو محكي لأن بكلمة في معنى بقولة وأن الكلام يحكى به إجراء له مجرى القول فكذلك الكلمة. فلا شك أن توجيه المصنف البدلية بأن الكلمة هنا بمعنى الكلام أقرب وأولى من قول الشيخ: إن كلمة في معنى قولة.

وأما قوله: إن «كيف يلتقيان» إنما قيل على سبيل استبعاد الالتقاء وتعذره فغير ظاهر؛ لأن هذا التقدير يقتضي انقطاع هذا الكلام عن الكلام الذي قبله وحينئذ يفوت مقصود الشاعر؛ لأن شكواه إنما هي تعذر التقاء الحاجتين لا الحاجتان أنفسهما إذ لا معنى لقول القائل: أشكو بالمكان الفلاني حاجة وبالمكان الفلاني حاجة أخرى، ويكفيك بفهم ابن جني وتخريجه فهما وتخريجا (١).

وأما قوله في الآية الشريفة أعني قوله تعالى: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (٢) إن ذلك - يعني تخريج المصنف - يؤدي إلى أن الحمل يسند إليها إلى آخر ما ذكره ... فكلام عجيب؛ لأن المصنف لما ذكر ذلك كمل كلامه بأن قال: وجاز إسناد يقال إلى إن وما عملت فيه كما جاز إسناد قيل إليها في قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ (٣) فأقام الدليل من الكتاب العزيز على صحة إسناد فعل القول إلى الجملة.

وبعد: فالشيخ جرى في ذلك على ما يقوله المغاربة في نحو: قيل زيد منطلق، وما قاله أبو البقاء لما تكلم على قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ (٤) وهو أن قيل مسند إلى ضمير المصدر والتقدير: قيل هو أي قول والجملة مفسرة لذلك الضمير (٥). والحق في هذه المسألة أن الإسناد إنما هو إلى لفظ الجملة والممتنع إنما هو -


(١) ينظر الهمع (٢/ ١٢٨).
(٢) سورة فصلت: ٤٣.
(٣) سورة الجاثية: ٣٢.
(٤) سورة البقرة: ١١.
(٥) راجع التبيان (٢٧، ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>