للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعلى هذا يحمل إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١)، وكذا له عليّ ألف إلا ألف آخر، أي لكن ألف آخر له علي فأبقى المبتدأ وصفته وحذف الخبر وأما إلا رمادا فاستثناء محقق، لأنه وصف الرماد بالهمود ودفع الأثافي عنه الرياح المترددة عليه.

وفي هذا إشعار بأنه درس بعض الدروس. وأما إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ (٢) فاستثناء محقق من فيها، لأن لأهل النار أنواعا من العذاب غير النار مما وصف لنا وما لم يوصف ولأهل الجنة أنواع من النعيم غير الجنة مما وصف لنا وما لم يوصف. فإلى ذلك أشير ب إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ والله تعالى أعلم.

وأجاز الكوفيون استعمال ليس حرفا عاطفا فيقولون: قام زيد ليس عمرو كما يقال: قام زيد لا عمرو ومن أجود ما يحتج لهم به قول أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - «بأبي شبيه بالنّبي ليس شبيه بعليّ» (٣). كذا ثبت في صحيح البخاري يرفع شبيه كما يقال: «بأبي شبيه بالنبي لا شبيه بعليّ» ومما يحتج لهم به أيضا قول الراجز:

٣٢٣٤ - أين المفرّ والإله الطّالب ... والأشرم المغلوب ليس الغالب (٤)

كما يقال: والأشرم المغلوب لا الغالب وهذا التقدير لا يلزم لإمكان غيره مما لا خلاف في جوازه، وذلك بأنه يجوز

أن يجعل خبر كان وأخواتها ضميرا متصلا ثم يحذف منويّا ثبوته كما يفعل إذا كان الضمير مفعولا به فيقال: صديقك إني أكرمت فكذلك تقدر قول أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - «ليس شبيه بعليّ» فيجعل شبيه اسم ليس والهاء خبرها فحذف واستغنى بنيته عن لفظه كما قال الشاعر:

٣٢٣٥ - فأطعمنا من لحمها وسديفها ... شواء وخير الخير ما كان عاجله (٥)

ومثله قول الآخر:

٣٢٣٦ - معينك إنّي ما برحت فلا يزل ... معيني على ما ملأمور أروم (٦)

-


(١) سورة النمل: ١١.
(٢) سورة هود: ١٠٨.
(٣) البخاري: فضائل أصحاب النبي (٢٢)، مناقب (٢٣)، وابن حنبل (١/ ٨)، وأبو داود:
طهارة (٤٧) وكان أبو بكر يصف الحسن بن علي رضي الله عنه.
(٤) البيت انظره في التذييل (٤/ ١٥٠).
(٥) البيت من الطويل - التذييل (٤/ ١٥١)، والعيني (٤/ ١٢٤).
(٦) البيت من الطويل - التذييل (٤/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>