للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمعنى، وما بعد لكن مخالف لما قبلها في المعنى فدل ذلك على أن لكن هي العاطفة وأن الواو زائدة مثلها في قول الشاعر:

٣٢٣٩ - ولمّا رأى الرّحمن أن ليس فيهم ... رشيد ولا ناه أخاه عن الغدر

وصبّ عليهم تغلب ابنه وائل ... فكانوا عليهم مثل راعية البكر (١)

يريد صب عليهم. وقول الآخر:

٣٢٤٠ - [و] إنّ رشيدا وابن مروان لم يكن ... ليفعل حتّى يصدر الأمر مصدرا (٢)

يريد إن رشيد بن مروان، ولزمت زيادتها كما لزمت زيادة ما في قولهم: أفعله إثر ما وفي إذ ما في الجزاء. وعلى ما ذكرته ينبغي أن يحمل مذهب سيبويه والأخفش لأنهما قالا إن لكن من حروف العطف فلما مثلا العطف بها مثلاه بالواو (٣)، فدل ذلك على أن لكن هي العاطفة عندهما لا الواو (٤). انتهى.

وقد رأيت ما بين كلاميه من المخالفة. ثم إن سيبويه لا يجيز زيادة الواو (٥) وإنما المجيز لذلك الأخفش وإذا كان

سيبويه لا يرى ذلك فكيف ينسب إليه ما يلزم منه القول بشيء هو لا يجيزه.

وأما قوله: إن ما بعد لكن مخالف لما قبلها في المعنى والمعطوف بالواو يجب أن يكون موافقا في المعنى كما هو موافق في الإعراب فقد رفع المصنف هذا الإشكال بأن قال: يجب أن يكون ذلك من عطف الجمل ويضمر عامل في نحو: ما قام سعد ولكن سعيد التقدير ولكن قام سعيد وتقدم تقرير ذلك. وأما حذف حرف الجر وإبقاء عمله فقد تقدم في باب حروف الجر أن الجر بحرف محذوف يكون قياسا في مواضع.

والذي ذكره ابن عصفور من أنهم يقولون: ما مررت برجل صالح لكن طالح إن كان محكيّا عن غير يونس فلا كلام، وإن كان عن يونس فالذي نقله المصنف عن -


(١) البيت من الطويل للأخطل - ديوانه (٢٢١)، والتذييل (٤/ ١٤٩، ١٥٦)، والخزانة (٤/ ٤١٨).
(٢) البيت من الطويل وقد أنشده الفراء - التذييل (٤/ ١٤٩).
(٣) ينظر الكتاب (١/ ٩٠، ٣٤٦)، والارتشاف (٢/ ٦٢٩)، والأشموني (٣/ ٩١).
(٤) ومثله في شرح الجمل (١/ ٢٢٣).
(٥) الكتاب (١/ ٤٣٥، ٤٤٠)، والهامش قبل السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>