للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

معناه بل يزيدون واحتجوا بما روي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنه قال كانوا مائة ألف وبضعة وأربعين ألفا (١) وبقوله تعالى: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً (٢)، وبقوله تعالى: وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ (٣) قالوا المعنى بل هو أقرب واستدلوا أيضا بقول الشاعر:

٣٢٩٨ - بدت مثل قرن الشّمس في رونق الضّحى ... وصورتها أو أنت في العين أملح (٤)

قالوا المعنى بل أنت في العين أملح. قال: وهذا الذي ذهبوا إليه فاسد بدليل أنها لو وقعت في هذه المواضع موقع بل لجاز أن تقع ذلك الموقع في غيرها فكنت تقول:

ضربت زيدا أو عمرا، وما ضربت زيدا أو عمرا على معنى بل، وذلك مردود عند جميع النحويين.

قال: وأيضا فإن أو في الآي التي استدلوا بها لا يمكن أن تكون بمعنى بل، لأن بل إذا أريد بالإضراب بها إبطال ما قبلها وإثبات ما بعدها لا تجيء إلا بعد غلط أو نسيان وذلك منفي عن الله تعالى، وإن جاء الإضراب بها في كتاب الله تعالى على جهة الإبطال لما قبلها والإثبات لما بعدها فإنما يجيء بعد كلام سيق من غيره والخطأ إذ ذاك إنما الحق كلام الأول. قال: فأما أَوْ يَزِيدُونَ فأو فيه إما للإبهام على المخاطبين أو للشك وهو مصروف للمخاطبين أيضا.

وأما أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً فأو فيه للشك أي إن من شاهدهم فرأى قله تأثير الزواجر فيهم تردد في تشبيه قلوبهم بالحجارة

أو بما هو أشد صلابة منها كالحديد أو للتفصيل فصّل القلوب بعد أن ذكرها مجملة إلى ما يشبه الحجارة وإلى ما يشبه ما هو أشد صلابة منها كالحديد.

وأما أَوْ هُوَ أَقْرَبُ فأو فيه للإباحة وكأنه قيل: إن شبه أمر الساعة بلمح البصر أو أخبر عنه بأنه أقرب من ذلك أو جمع بين التشبيه بلمح البصر والإخبار بأنه أقرب من لمح البصر فذلك كله سائغ. ثم قال: ووجه تشبيه الساعة بلمح البصر -


(١) انظره في التذييل (٤/ ١١٦) وشرح السيرافي على الكتاب (٤/ ٦٤ / أ).
(٢) سورة البقرة: ٧٤.
(٣) سورة النحل: ٧٧.
(٤) البيت من الطويل - الإنصاف (٤٧٨)، والخزانة (٤/ ٤٢٣)، والخصائص (٢/ ٤٥٨)، وشرح السيرافي (٤/ ٦٤ / أ)، ومعاني الفراء (١/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>