للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن كان ما بيننا وبين الساعة هو أن كل ما يفنى يشبه بما لم يكن لأنه إذا فني بطل حكم وجوده ولذلك يقال: كأنك بالدنيا لم تكن، وما قبل الساعة من قبيل ما يفنى فصار أمر الساعة لذلك مشبها في القرب بلمح البصر ووجه الإخبار عنه بأنه أقرب من لمح البصر هو أن ما يأتي يشبه بما لم يزل؛ لأنه إذا أتى بطل حكم عدمه؛ ولذلك يقال: كأنك بالآخرة لم تزل، وأمر الساعة من قبيل ما يأتي فجعل كأنه موجود، وساغ لذلك أن يقال إنه أقرب من لمح البصر.

قال: وأما قول الشاعر:

٣٢٩٩ - بدت مثل قرن الشّمس ... ........ البيت

فأو فيه للشك؛ لأن العرب قد تخرج التشبيه مخرج الشك إشعارا بإفراط الشبه، ومن ذلك قوله:

٣٣٠٠ - فيا ظبية الوعساء بين جلاجل ... وبين النّقا أأنت أم أمّ سالم (١)

فعلى هذا يكون قد شكك نفسه هل هي مثل قرن الشمس أو أملح منه في العين ليمكن بذلك شبهها بالشمس (٢). هذا آخر كلام ابن عصفور.

وأقول: إن المصنف لم يدع أن أو للإضراب على الإطلاق. وإنما قال: إنها تكون للإضراب ونقل ذلك عن الفراء وابن برهان وأبي علي وأنشد في شرح الكافية قول جرير يخاطب هشام بن عبد الملك (٣):

٣٣٠١ - ماذا ترى في عيال قد برمت بهم ... لم أحص عدّتهم إلّا بعدّاد

كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قتّلت أولادي (٤)

-


(١) البيت من الطويل - ديوان ذي الرمة (٢/ ٧٦٧)، (٣/ ١٩٩٢)، والخصائص (٢/ ٤٥٨)، والكامل (٢/ ٧٧)، والكتاب (٢/ ١٦٨)، والمقتضب (١/ ١٦٣)، وابن يعيش (١/ ٩٤)، (٩/ ١١٩).
(٢) ينظر شرح الجمل (١/ ٢٣٥، ٢٣٦).
(٣) ابن مروان من ملوك الدولة الأموية في الشام بويع بالخلافة بعد وفاة أخيه يزيد سنة (١٠٥ هـ) وقتل (١٢٠ هـ)، الأعلام (٩/ ٨٤، ٨٥) ومرآة الجنان (١/ ٢٦١ / ٢٦٣).
(٤) البيت من البسيط ديوانه (ص ١٢٣) والأشموني (٣/ ١٠٦) والدرر (٢/ ١٨١) والمغني (ص ٦٤، ٢٧٢) والهمع (٢/ ١٣٤) هذا: ورواية الديوان:
لم تحص عدّتهم ..... البيت
كذلك - في شرح الكافية الشافية (٣/ ١٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>