للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قدر زوال هذه الأحرف لاختل معنى التثنية والجمع؛ لأن هذه الأحرف دالة عليهما كما لو قدر زوال تاء التأنيث وألفه وياء النسب لاختل معنى الكلمة الذي هو المقصود بدلالة هذه الأحرف عليه.

ومذهب سيبويه والخليل رحمهما الله تعالى: أنّ الإعراب مقدّر في الأحرف الثّلاثة (١).

وهو القياس ولا يرد عليه سوى ما تقدم من لزوم ظهور الفتحة في نحو: رأيت بنيك.

وقد أجيب عنه بأنهم لما حملوا حالة النصب على حالة الجر في التثنية والجمع في الياء جعلوا الحكم في الياء حكما

واحدا. فلما قدروا الكسرة في الياء حالة الجر كذلك قدروا الفتحة حالة النصب.

وأما ما ألزمه ابن عصفور من أنه يجب أن تكون تثنية المنصوب والمخفوض بالألف لتحرك الياء فيهما وانفتاح ما قبلها (٢) - فليس بشيء لأن الحركة هنا عارضة والمعتبر في مثل هذا أصالة الحركة؛ ولهذا لم تنقلب في نحو جيل مخفف جيأل.

وأما النون فقال المصنف: ليست عوضا من حركة الواحد؛ لأن الأحرف الثلاثة -


(١) أخذ الناس رأي سيبويه هذا من قوله في الكتاب (١/ ١٧ - ١٨)، قال: «واعلم أنك إذا ثنيت الواحد لحقته زيادتان: الأولى منهما حرف المد واللين وهو حرف الإعراب غير متحرك ولا منون يكون في الرفع ألفا ولم يكن واو ليفصل بين التثنية والجمع الذي على حد التثنية ويكون في الجر ياء مفتوحا ما قبلها ولم يكسر ليفصل بين التثنية والجمع الذي على حد التثنية ويكون في النصب كذلك، ولم يجعلوا النصب ألفا ليكون مثله في الجمع. وكان مع ذا أن يكون تابعا لما الجرّ منه أولى؛ لأن الجرّ للاسم لا يجاوزه والرفع قد ينتقل إلى الفعل فكان هذا أغلب وأقوى. وتكون الزيادة الثانية نونا كأنها عوض لما منع من الحركة والتنوين وهي النون وحركتها الكسر، وذلك قولك: هما الرّجلان ورأيت الرّجلين ومررت بالرجلين. وإذا جمعت على حد التثنية لحقتها زائدتان. الأولى منهما حرف المد واللين والثانية نون. وحال الأولى في السكون وترك التنوين وأنها حرف الإعراب حال الأولى في التثنية إلا أنها واو مضموم ما قبلها في الرفع، وفي الجر والنصب ياء مكسور ما قبلها ونونها مفتوحة فرقوا بينها وبين نون الاثنين كما أن حرف اللين الذي هو حرف الإعراب مختلف فيهما وذلك قولك: المسلمون ورأيت المسلمين ومررت بالمسلمين. ومن ثم جعلوا تاء الجمع في الجر والنصب مكسورة؛ لأنهم جعلوا التاء التي هي حرف الإعراب كالواو والياء والتنوين بمنزلة النون؛ لأنها في التأنيث نظيرة الواو والياء في التذكير فأجروها مجراها» .. كتاب سيبويه: (١/ ١٨).
(٢) انظر: ما قاله ابن عصفور في شرح الجمل له (١/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>