للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك مباح خارج بالاستثناء من التحريم. وأما السنة فقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لقد هممت ألّا أقبل هديّة إلّا من قرشيّ أو من ثقفيّ» (١) والمفهوم من ذلك أن القرشي أو الثقفي كانا جميعا مستثنين. انتهى.

وتمثيله بهذه الآية الشريفة هنا وهي قوله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً إلى أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ (٢) وذكره الاستدلال بقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ إلى أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ (٣) يدل على أنه جعل معيار كون أو للإباحة أن ما ذكر قبلها وبعدها يجوز أن ينفرد كل عن الآخر إتيانا وتركا ويجوز أن يجتمع إتيانا وتركا أيضا.

لا يظهر كون أو للإباحة في هاتين الآيتين الشريفتين. أما قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً الآية، فلأن الإباحة المراد بها طلب الفعل لا طلب الترك. وأما الآية الثانية فلأن الإباحة فيها إنما هي الإباحة الشرعية والكلام هنا إنما هو في الإباحة اللغوية.

والظاهر أن أو في الآيتين الشريفتين إنما هي للتنويع.

ففي الآية الأولى لتنويع ما حرم، وفي الآية الثانية لتنويع ما أبيح لهم أعني للذين هادوا.

ثم إن المصنف قال في شرح الكافية: وأكثر ورود الإباحة في تشبيه نحو: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً (٤)، وكَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ (٥) أو تقدير نحو:

فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٦)، وإِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (٧) فلو جيء بالواو في مثل هذا لم يختلف المعنى (٨).

وبعد: فقد بقي الكلام على أمرين:

أحدهما: الفرق بين التخيير بأو والإباحة بها. أنه لا يجوز الجمع بين الشيئين في التخيير فلا يجوز أخذ الدرهم والدينار معا لمن قيل له: خذ درهما أو دينارا، وفي الإباحة يجوز الجمع فيجوز مجالسة الرجلين معا لمن قيل له جالس الحسن أو ابن سيرين.

ومن ثم يقال: التخيير إنما يكون فيما أصله المنع والإباحة إنما تكون فيما ليس -


(١) ينظر: ابن حنبل (١/ ٢٩٥)، وشرح السيرافي (٤/ ٦٢) أ، ب.
(٢) سورة الأنعام: ١٤٥.
(٣) سورة الأنعام: ١٤٦.
(٤) سورة البقرة: ٧٤.
(٥) سورة النحل: ٧٧.
(٦) سورة النجم: ٩.
(٧) سورة الصافات: ١٤٧.
(٨) شرح الكافية (٢/ ١٢٢٣ - ١٢٢٤) وتقدمت تلك الآيات الشريفة قريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>