أصله المنع. وأما قول المصنف في المتن مشيرا إلى أو: وتعاقب الواو في الإباحة كثيرا، وقوله في الشرح: ومن علامات التي للإباحة استحسان وقوع الواو موقعها.
ألا ترى أنه لو قيل:(ولا يبدين زينتهنّ إلّا لبعولتهنّ وآبائهنّ وآباء بعولتهنّ) لم يختلف المعنى، ومنه جالس الحسن وابن سيرين أي جالس الصنف المبارك الذي منهم الحسن أو ابن سيرين فلو جالسهما معا لم يخالف ما أبيح له، فغير ظاهر ولا دليل على ما ذكره.
وأما الآية الشريفة: فقد تقدم أن أو فيها للتنويع أي التقسيم. ولا شك أن التقسيم يورد تارة بأو وتارة بالواو. تقول: الكلمة اسم أو فعل أو حرف ولك أن تقول: الكلمة اسم وفعل وحرف. ثم إن الإباحة في الآية الشريفة لم تستفد من الواو وإنما استفيدت من الشريعة المطهرة كما تقدم.
وأما جالس الحسن وابن سيرين فلا يلزم من جواز مجالستهما معا صحة وقوع الواو موقع أو، لأن مجالستهما إنما جازت لأنها لا مانع منها في الأصل بل مجالسة أهل العلم والدين مطلوبة ومراد القائل دلالة المأمور على الخير بأنه يجالس من هو متصف بصفات حميدة فكأنه قال: جالس هذا الصنف من الناس، وإنما أتى بأو كي لا يضيق عليه ويلزمه بمجالسة كليهما فقصد تخفيف الحال على المأمور وتيسيره، فإذا أتى المأمور بما فوق ذلك من النوع المقصود فقد أحسن حيث أتى بالمأمور به وزاد عليه.
أما لو قيل: جالس الحسن وابن سيرين وعطف بالواو لكان أمرا بمجالستهما معا.
وقد قال ابن عصفور: فإن قيل: فما الفرق بين أو التي للإباحة وبين الواو إذ يجوز الجمع بين الشيئين كما يجوز مع الواو، فالجواب أن الفرق بين أو التي للإباحة وبين الواو أنه لو قيل: جالس الحسن وابن سيرين لم يجز له مجالسة أحدهما دون الآخر، وإذا أتى بأو جاز له أن يجالس أحدهما وأن يجالسهما (١) معا (أو أن يجالسهما وغيرهما ممن هو مثلهما في الفضل).
الأمر الثاني: قال ابن عصفور: إذا نهيت عن المباح فإن النهي يستوجب جميع ما كان مباحا باتفاق من النحويين. فإذا قلت لا تذكر إذا افتخرت عمرا أو زيدا أو خالدا فقد نهيت عن أن يذكروا واحد منهم وحده ومع غيره. وكأنك قلت: -