للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا تذكر إذا افتخرت واحدا من هؤلاء، ومن هذا القبيل قوله تعالى: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (١) أي لا تطع واحدا منهما. وإذا نهيت عما خيرت فيه فإن أبا الحسن ابن كيسان جوّز أن يكون النهي عن واحد، وأن يكون عن الجميع، فإذا قلت: لا تأخذ دينارا أو ثوبا جاز عنده أن يكون قد نهاه عن أحدهما، وأن يكون قد نهاه عن أخذ أحدهما على مقابلة الأمر؛ لأن الأمر كان بأخذ أحدهما، وكذلك إذا أدخلت النفي على كلام تكون أو فيه للشك نحو قولك: ما جاءني زيد أو عمرو.

ويجوز عنده أن يكون المنفيّ مجيء أحدهما وأن يكون المنفي مجيئهما (٢).

وذهب السيرافي إلى أن النهي والنفي يستوعبان الجميع (٣) وهو الصحيح.

والدليل على ذلك أنك إذا خيرته فقلت: خذ دينارا أو ثوبا فقد أمرته بأخذ أحدهما وحظرت [٤/ ١٧٣] الآخر عليه فإذا نهيته فقلت: لا تأخذ دينارا أو ثوبا فقد حظرت عليه الذي كنت أمرته بأخذه فصار الجميع محظورا، وأيضا فإن

قولك:

خذ دينارا أو ثوبا بمنزلة قولك: خذ أحدهما، فيلزم أن يكون النهي بمنزلة قولك:

لا تأخذ واحدا منهما وأنت لو قلت: لا تأخذ واحدا منهما لكنت قد نهيته عن أخذهما معا؛ لأنه إذا أخذهما معا فقد أخذ أحدهما، وكذلك إذا قيل: جاء زيد أو عمرو، والقائل شاك، فمعناه جاء واحد منهما، فيلزم أن يكون النفي بمنزلة قولك: ما جاء أحدهما.

وإذا قال: ما جاء واحد منهما، فقد نفاهما جميعا، بدليل أنهما لو جاءا معا لكان قولك: ما جاء واحد منهما كاذبا (٤).

ثم أشار المصنف بقوله: وفي عطف المصاحب والمؤكد قليلا إلى أن أو تعاقب الواو في عطفها المصاحب والمؤكد كما عاقبتها في الإباحة، لكن المعاقبة في الإباحة كثير وفي عطف المذكورين قليل، وقد تقدم الاستشهاد على ذلك في كلام المصنف.

غير أني لم أفهم مقصوده بإيراده الآية الشريفة في عطف المؤكد، وهي قوله تعالى:

لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً (٥) وكذا البيت الذي أنشده وهو: -


(١) سورة الإنسان: ٢٤.
(٢) النص من شرح الإيضاح المفقود لابن عصفور.
(٣) شرح السيرافي على الكتاب (٤/ ٦٨ ب).
(٤) ينظر - في ذلك - شرح الجمل (١/ ٢٣٤) وما بعدها، والأشموني (٣/ ١٠٦، ١٠٧).
(٥) سورة المائدة: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>