للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا قاعدين وإن لم يصلح وقوع قاعدين موقع قائم؛ لأنه بمعنى لا قاعد أبواه أو لا قاعدهما، أو لأنه بمعنى لم يقعدا ويجوز أن زيدا قائم لا عمرا وإن لم يصلح تقديران بعد لا؛ لأن تقدير العامل بعد العاطف ليس شرطا بل هو ممتنع مع مواضع نحو:

اختصم زيد وعمرو، ومن يأتني ويسلني أعطه، وعرقت ابني زيد عمرو. فلو كان ما بعد العاطف لا يصلح لمباشرة العامل ولا هو بمعنى ما يصلح لمباشرته أضمر له عامل مدلول عليه بما قبل العاطف وجعل من عطف الجمل نحو قوله تعالى: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ * (١) وفَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ (٢)، فـ «زوجك» و «ربك» مرفوعان «بليسكن» «وبليذهب» مضمرين مدلول عليهما ما باسكن واذهب.

والمحوج إلى هذا التقدير أن فعل الأمر لا يرفع إلا ضمير المأمور المخاطب. لكنه وإن لم يكن صالحا لرفع غيره فهو صالح للدلالة على ما يرفعه. ولو كان ما قبل العاطف فعلا مضارعا مفتتحا بالهمزة أو النون لفعل بعده من التقدير والإضمار ما فعل بعد الأمر نحو: لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ (٣) فأنت مرفوع بفعل مضمر مدلول عليه بنخلفه، والتقدير ولا تخلفه أنت لأن نفعل وأفعل لا يرفعان إلا ضميري المتكلم. وكذا لو كان الفعل مفتتحا بتاء الخطاب لعومل ما بعد العاطف الذي بعده بهذه المعاملة نحو: تقوم أنت وزيد. وكذا لو كان مفتتحا بتاء المضارعة الدالة على التأنيث كقوله تعالى: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ (٤) أي ولا يضار مولود. ولا بد من هذا [٤/ ١٧٠] التقدير لأن الفعل المفتتح بتاء التأنيث لا يرفع إلا مؤنثا. وكل ما استحقه المعطوف من التقدير المذكور مستحق في البدل نحو:

ادخلوا أولكم وآخركم فيقدر قبلهما ليدخل؛ لأن ادخل لا يرفع إلّا ضمير المأمور المخاطب نص على هذا المعنى سيبويه (٥) رحمه الله تعالى.

فإن جعل أولكم وآخركم بدلا فهو عامله من إبدال الجمل بعضها من بعض كما يقال في العطف.


(١) سورة البقرة: ٣٥، وسورة الأعراف: ١٩.
(٢) سورة المائدة: ٢٤.
(٣) سورة طه: ٥٨.
(٤) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٥) في الكتاب (٣/ ٣٩٨) وما بعدها، «وكان عيسى يقول: ادخلوا الأول فالأول؛ لأن معناه:
ليدخل، فحمله على المعنى وليس بأبعد من: ليبك يزيد ضارع لخصومه، فإذا قلت: ادخلوا الأول والآخر والصغير والكبير فالرفع لأن معناه معنى كلهم كأنه قال: «ليدخلوا كلهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>