للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومن المستحق لهذه المعاملة قول الشاعر:

٣٣٣٥ - نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي ... ذوو الأموال منا والعديم

إلى حفر أسافلهنّ جوف ... وأعلاهنّ صفاح مّقيم (١)

فذوو الأموال مرفوع بنأوي مضمرا مدلولا عليه بنأوي، لأن المضارع ذا النون لا يرفع إلا ضمير المتكلم وإن جعل ذوو الأموال والعديم توكيدا كما جعل على أحد الوجهين الظهر والبطن من قولهم: ضرب زيد الظهر والبطن جاز وكان العامل فيه نأوي كما يكون عاملا في كلنا إذا قيل: نأوي كلنا لأن التوكيد بمنزلة تكرير المؤكد.

هذا كلامه رحمه الله تعالى.

ونقله الشيخ عنه ولم يدفعه بشيء غير أنه قال: وما ذهب إليه من أنه إذا لم يصلح يعني المعطوف لمباشرة العامل ولا هو بمعنى ما يصلح لمباشرته أضمر له عامل مدلول عليه بما قبل العطف ويجعل من عطف الجمل - مخالف لما تظافرت عليه نصوص النحويين والمعربين من أن وَزَوْجُكَ (٢) معطوف على الضمير المستكن في اسْكُنْ (٣) وكذلك فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ (٤). انتهى.

فلم ينازع المصنف في اشتراط صلاحية المعطوف أو ما بمعناه لمباشرة العامل وكأنه سلم له ذلك. وإذا كان هذا الاشتراط مسلما وجب الاعتراف بتقدير عامل للمعطوف في الآيات الشريفة والأمثلة التي ذكرها.

وبعد:

فللباحث في هذه المسألة أحد مسلكين:

إما أن يقول: هذا الشرط الذي ذكر غير مسلم، ويقول: كما لا يشترط صحة وقوع المعطوف موقع المعطوف عليه لا يشترط صلاحية المعطوف لمباشرة العامل.

وإما أن يقول: كما اكتفى في صحة العطف بصلاحية ما هو بمعنى المعطوف للمباشرة هكذا يكتفي فيه بصلاحية المعطوف لمباشرة عامل يعطي معنى ذلك العامل ويؤكد هذا أن عدم صلاحية الاسم الظاهر لمباشرة أمر

المخاطب مثلا ليس لأمر يرجع إلى المعنى إنما هو لأمر يرجع إلى الاستعمال فزيد في مثل قولنا: ادخل أنت وزيد إن -


(١) البيت من الوافر لابن مسهر - الحماسة (١٢٧٧)، والمغني (ص ٥٧٩).
(٢)،
(٣) سورة البقرة: ٣٥.
(٤) سورة المائدة: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>