للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سيبويه؛ لأنه قد وجد النفي مغيرا لما دخل عليه عن حاله قبل ذلك. ألا ترى أنك تقول في نفي سيفعل: لن يفعل، وفي نفي قد فعل: لما يفعل، وفي نفي فعل: لم يفعل، ولا تقول لن سيفعل، ولا لما قد فعل، ولا لم فعل. فإذا كانوا يغيرون ما بعد حرف النفي عما كان عليه مع أنه لم تدع إليه ضرورة، فالأحرى أن يجوز ذلك إذا دعت إليه ضرورة (وهي) (١) خوف اللبس (٢). انتهى.

وأقول: إنني لم يتجه (لي) (٣) الأمر في هذه المسألة؛ لأن القائل يقول اللبس الذي قيل إنه يحصل في النفي حاصل في الإثبات أيضا. فلأي شيء لم يوجب التكرير في قولنا: مررت بزيد وعمرو إذا كان المرور بكل منهما على حدته، وإذا كان لا فرق بين الإثبات والنفي في ذلك فلأي شيء يتعرض إلى ذكر النفي دون الإثبات. ثم قول ابن عصفور أنه قد وجد النفي مغيرا لما دخل عليه عن حاله قبل ذلك قد ينازع فيه.

وما ذكره من الاستدلال فيه بحث؛ لأن الذي ظهر أن مراد النحاة بقولهم: لن لنفي سيفعل أن المنفي بلن مستقبل كما أن المقرون بالسين مستقبل، وكذا مرادهم بقولهم إن لما لنفي قد فعل وأن لم لنفي فعل أن لما لنفي الماضي القريب زمنه من زمن الحال وإن لم لنفي الماضي البعيد زمنه من زمن الحال. وبتقدير أن يكون مرادهم أن ثلاثة ألأحرف لنفي هذه الصيغ أنفسها، فلا يتم الاستدلال؛ لأن التغيير عند دخول حرف من هذه الأحرف واجب، وذلك أن لن للاستقبال والسين للاستقبال فلا يتأتى اجتماعهما.

وأما لما ولم فإنهما لا يباشران إلا لفظ المضارع فكان العدول عن لفظ الماضي إليه متعينا وليس معينا في قام زيد وعمرو إذا قلنا: ما قام زيد وعمرو ما يوجب التغيير.

والذي يظهر في هذه المسألة أنه لا فرق بين الإثبات والنفي. فمن قصد الإخبار بمرورين مثبتا لهما أو نافيا لهما لا بد له أن يكرر الفعل، ومن لم يقصد ذلك استغنى عن التكرير.


(١) الأصل: وهو.
(٢) شرح الجمل (١/ ١٤٥) والمقرب (١/ ٢٣٧).
(٣) زيادة ليتم مراده.

<<  <  ج: ص:  >  >>