للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولنختم الكلام على الباب بمسألتين:

الأولى:

أن الشيخ قال في الارتشاف: من أحكام حروف العطف أن ما كان معمولا لعامل بعدها لا يجوز أن يتقدم ذلك المعمول على حرف العطف فلو قلت: زيد قائم وضارب عمرا ما جاز أن تقول عمرا وضارب (١).

وأقول: إن امتناع تقديم المعمول في ما ذكره ظاهر، لأن المعمول إنما يتقدم حيث يجوز تقديم العامل غالبا، وإذا كان كذلك فذكر هذه المسألة مستغنى عنه.

الثانية: أن ابن عصفور قال: وإذا نفيت في هذا الباب فمذهب المازني أن الكلام يكون بعد دخول حرف النفي عليه على حسب ما كان قبل دخوله فتقول في نفي قام زيد فعمرو: ما قام زيد فعمرو، وفي نفي مررت بزيد وعمرو: ما مررت بزيد وعمرو، وفي نفي قام زيد ثم عمرو: ما قام زيد ثم عمرو. وسيبويه يوافقه في ذلك كله إلا في الواو (٢) فإذا قلت: مررت بزيد وعمرو فإنه يفصّل فيقول: لا يخلو أن يكون الكلام على فعلين، أعني أن يكون مررت بزيد على حدته ومررت بعمرو على حدته، أو يكون على فعل واحد، أعني أن يكون مررت بزيد وعمرو مرورا واحدا فتقول في النفي: إذا عنيت مرورين ما مررت بزيد وما مرت بعمرو فتكرر الفعل.

وتقول في النفي اذا عنيت مرورا واحدا: ما مررت بزيد وعمرو. وإنما لم يكن في الأول بدّ من تكرير الفعل؛ لخوف اللبس لأنك لو قلت: [٤/ ١٧٨] ما مرت بزيد وعمرو لاحتمل أن تريد أنك لم تمر بهما ولا بواحد منهما، وأن تريد أنك لم تمر بهما معا، بل مررت بأحدهما، فلما كان النفي من غير إعادة العامل ملبسا لذلك لم يكن بد من إعادته.

وحجة المازني أن حرف النفي لا يغير ما بعده عما كان عليه قبل دخوله نحو:

ما قام زيد ألا ترى أنه كان قبل دخول ما قام زيد (٣). والصحيح ما ذهب إليه -


(١) الارتشاف (٢/ ٦٦٦) تحقيق د/ مصطفى النحاس.
(٢) الانتصار (ص ١١٢) والكتاب (١/ ٢١٨) والمازني (ص ٣٥٠).
(٣) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>