للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما: يا دار مية بالعلياء؛ فالعلياء في موضع الحال من دار مية عند من يجيز مجيء الحال من المنادى ومن لا يجيز جعله متعلقا بما بعده والتقدير: أقوت وطال عليها سالف الأبد بالعلياء فالسند. وأما قوله: ترى الفأر في

مستنقع القاع فيخرج على أن في مستنقع القاع في موضع الحال من ضمير الفاعل المستتر في ترى فيكون العامل فيه إذ ذاك محذوفا، ولاحبا حال من الفأر، والمعنى ترى الفأر لاحبا على جدد الصحراء وأنت في مستنقع القاع. يريد أن الفأر إذا سمع حفيف هذا الفرس في جريه ظنه مطرا فخاف من سيله ومرّ على جدد الصحراء طلبا للنجاة منه فإذا بلغ راكب هذا الفرس مستنقع القاع الذي كان فيه الفأر أبصره متعلقا بجدد الصحراء.

فأما قول الشاعر:

٣٤١٤ - أيا شاعرا لا شاعر اليوم مثله ... جرير ولكن في كليب تواضع (١)

فليس من قبيل المنادى المنكور لأنه قصد بذلك شخصا بعينه ولم يرد أن يبهمه على المخاطب، بل بينه بقول جرير: وإنما هو منصوب بناصب مضمر على جهة الإغراء أي: عليكم شاعرا لا شاعر اليوم مثله (٢). انتهى كلام ابن عصفور رحمه الله تعالى.

ولم يظهر لي قوله: إن في مستنقع القاع في موضع الحال من ضمير الفاعل المستتر في ترى مع قوله: فيكون العامل فيه إذ ذاك محذوفا، لأن العامل في الضمير هو ترى، والعامل في الحال هو العامل في صاحبها.

وأما قوله: إن شاعرا من قول الشاعر: أيا شاعرا منصوب على الإغراء فغير ظاهر، لأن أيا حرف نداء لا حرف تنبيه وليس ثم منادى محذوف فوجب أن يكون شاعرا منادى، وأما نصبه فلا شك أن المنادى المعرفة المبني يجوز أن ينون للضرورة، وإذا نون فلك فيه وجهان. الضم تشبيها بمرفوع اضطر إلى تنوينه وهو مستحق لمنع الصرف، والنصب تشبيها بالمضاف لطوله بالتنوين. وسيأتي ذكر هذه المسألة في آخر الفصل. فعلى هذا يتوجه نصب شاعرا لا على ما قاله من الإغراء. -


(١) من الطويل للصلتان العبدي يفضل جريرا على الفرزدق شعرا، ويفضل الفرزدق على جرير شرفا وفضلا - الشجري (٢/ ١٤٢)، والكتاب (١/ ٣٢٨)، والمقتضب (٣/ ٢١٥).
(٢) راجع شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٨٥، ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>