للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[٤/ ١٨٦] واعلم أن الذي ادعاه ابن الطراوة في المناديات المتقدمة وهي أنها معارف تنزع إلى ما يزعمه المازني من أن النكرة لا يتصور أن تكون غير مقبل عليها وإن وجد من ذلك شيء فتنوينه لأجل الضرورة كقوله: أدارا بحزوى وكأن العلة عنده أن المجهول لا ينادى (١). ورد ذلك على المازني بأنه يمكن أن يكون الشاعر نادى دارا مبهمة من ديار حزوى لأن هذا الموضع كان به دار محبوبته .. فمن أجل ذلك كل دار به تهيج عبرته إذا رآها، لأنها

تذكره محبوبته فيكون كقول متمم بن نويرة (٢) في رثاء أخيه مالك:

٣٤١٥ - وقالوا بكى كل قبر رأيته ... لقبر ثوى بين اللّوى فالدكادك

فقلت لهم إنّ الأسى يبعث البكا ... دعوني فهذا كلّه قبر مالك (٣)

قالوا: وأما يا تيسا، ويا نخلة فإن قائله كنى عن بعل محبوبته بتيس مبهم وعن محبوبته بنخلة مبهمة.

هذا وقد تقدم من جواب ابن عصفور عن مثل هذا أيضا بأن النظر فيه إنما هو إلى جهل المخاطب وعلمه، فالذي يقدر المتكلم أن المخاطب يجهله هو نكرة مع أن المتكلم يعلمه ولا يحكم بتعريف النكرة إلّا إذا قدر المتكلم أن المخاطب قد ساواه في العلم به.

ومنها: أنك قد عرفت أن الأصمعي يمنع نعت المنادى المبني. وأن المصنف ذكر أن ما ذهب إليه مردود بالسماع والقياس، ثم مما يبطل مذهبه قول العرب: يا زيد ابن عمرو بفتح دال زيد ولو كان ابن عمرو منصوبا بفعل مقدر لكان جملة مستأنفة ولم يكن للفتح وحذف التنوين منه وجه، فلم يبق إلّا أن يكون ابن عمرو صفة لزيد لتكون فتحة دال زيد فتحة إتباع. قالوا: ويلزم على مذهبه أن تكون أي في النداء تامة يحسن السكوت عليها، لأن المرفوع عنده خبر مبتدأ محذوف كما أن المنصوب معمول لفعل محذوف، وما ينعت على القطع يلزم استقلاله. -


(١) الارتشاف (٣/ ١٢١) والتصريح (٢/ ١٦٧)، والمازني وأثره (ص ٣٢٥) وما بعدها.
(٢) ابن حمزة بن شداد اليربوعي التميمي شاعر فحل صحابي عاش في الجاهلية والإسلام ت ٣٠ هـ - الأعلام (٦/ ١٥٤، ١٥٥)، والجمهرة (ص ١٤١)، والسمط (ص ٨٧)، والمرزباني (ص ٤٦٦).
(٣) البيتان من الطويل وهما - بنسبتهما - في التذييل (٤/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>