«لا»[الدالة] على النهي لا من الأمر بإتيان كلّ شيء.
ومنها: تمثيله لما تضّمن معناه وضعا بقولهم: «امرأ ونفسه» ذاهبا إلى أنه قد اتصل بقوله «امرأ» قوله «ونفسه» قال: «وامرؤ يتضمّن النّفس إلى آخر كلامه» فإنه كلام عجيب لأن كلام المصنف إنما هو في العامل؛ إذ مراده أن العامل في المعطوف عليه يتضمّن معنى العامل [في المعطوف] وضعا، [وامرأ] معمول لا عامل، وكأن الشيخ جعل الضميرين في «يتضمن» وفي «معناه» راجعين إلى الاسمين المعطوف أحدهما على الآخر، حيث جعل الاسم الأول متضمنا معنى الاسم الثاني، وهذا في غاية الفساد؛ لأن الكلام إنما هو في العامل، ودليله أن الذي ذكره
المصنف أربع مسائل: فالأولى والثالثة قد صرح فيهما بذكر العامل، والرابعة ذكر فيها ما ناب عن العامل، فتعيّن أن تكون الثانية مرادا بها ما أريد بأخواتها، ثم إن كون الاسم الأول يتضمّن الاسم الثاني لا أثر له في ما الكلام الآن فيه.
ومنها: تمثيله لما هو في المعنى مشارك لما قبله في العامل بقولهم: «الكلاب على البقر» قائلا: إنّ الناصب للكلاب هو الذي يتعلّق به الجار والمجرور الذي هو «على البقر»، وما قاله لا يظهر؛ لأن «على البقر» من مطلوب «أرسل» الناصب لـ «الكلاب»(١) لا يتم المقصود من المعنى المراد إلّا به، ولا يقال في مثل هذا: إنه مشارك لما قبله في العامل، بل يقال: إنه من تتمّة ما يطلبه العامل.
وأما قوله بعد ذلك: وكذا إن تأتني فأهل اللّيل وأهل النّهار ... إلى آخر كلامه، وقوله «فقد اشتركا في العامل من حيث المعنى لا لفظا إذ لم يلفظ بالعامل» ففي غاية البعد بل هو فاسد؛ لأن العامل المقدّر في حكم الملفوظ، وإذا كان كذلك فالمعمولان مشتركان فيه لفظا، ثم إن «وأهل النّهار» إنما هو معطوف على «أهل اللّيل»[٥/ ٢] فهو معمول للعامل في المعطوف عليه، وإذا كان العامل واحدا فهو مشارك في اللفظ لما قبله في عامله فكيف يمثل به لما هو مشارك في المعنى؟ لأن مفهوم قولنا: مشارك في المعنى أنه لا مشاركة له في اللفظ، والغرض أن الثاني في المثال المذكور مشارك للأول في العامل مشاركة لفظية. -